العشر من ذي الحجة ::: أحكام وفضائل. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله
العشر من ذي الحجة فضائل وأحكام
فضيلة الشيخ: فؤاد بن يوسف أبو سعيد حفظه الله تعالى
الحمد لله؛؛؛
هذه الأيام العشر من ذي الحجة هي أفضل الأيام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل أيام الدنيا أيام العشر". [صحيح الجامع:1133]
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أيهما أفضل عشر ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟
فأجاب: أيام عشر من ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة. [مجموع الفتاوى (25/287)؛ واختاره ابن كثير في تفسيره (3/217)].
فضيلة الأيام العشر
1- إن الله عز وجل أقسم بها، قال تعالى: {والفجر * وليال عشر}.[الفجر:1-2]، قال غير واحد من السلف والخلف: إنها عشر ذي الحجة، قال ابن كثير في تفسيره (4/505): وهو الصحيح، والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظمه.
2- العمل الصالح فيها يعدل الجهاد في سبيل الله، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى الله عز وجل من هذه الأيام"، (يعني أيام العشر) قالوا: يا رسول الله! ولا الجهادُ
في سبيل الله؟! قال: "ولا الجهادُ في سبيل الله؛ إلا رجلٌ خرجَ بنفْسِه ومالِه ثمَّ لمْ يرجعْ من ذلك بشيء". (الترمذي)
3- إن فيها يوماً يكفر صيامه ((730)) يوماً، ففي صحيح مسلم (1162) سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة، قال: "يكفر السنة الماضية والباقية"، وفي روايةٍ أخرى لمسلمٍ: "أحتسبُ على اللهِ أن يكفرَ السنةَ التي قبله والسنةَ التي بعده".
4- إن هذه الأيام يجتمع فيها كثيرٌ وكثيرٌ من القرباتِ والطاعات، قال ابن حجر في الفتح (2/585): والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره.
أبرز الأعمال الصالحة في الأيام العشر
1- الحج والعمرة: فهما أفضل عمل تقدمه لنفسك في تلك الأيام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". [رواه البخاري ومسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين
الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة". (صحيح الجامع: 2901)
2- الصيام: فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة. (أبو داود: 4234)، قال النووي (8/ 58): وصيامها مستحب استحبابا شديدا.
وتذكر أيها الكريم عند صيامك قوله صلى الله عليه وسلم: "من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا". (رواه البخاري ومسلم)
3- الأضحية: ففيها إحياء لسنة إمام الموحدين، واتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيها التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم، [فإن النحر –الذي منه الأضحية- هو أجل العبادات المالية]. فتاوى شيخ الإسلام (16/ 532)
4- التكبير: قال تعالى: {ويذكروا الله في أيام معلومات}. [الحج:28]، ذهب جماعة من السلف إلى أنها العشر من ذي الحجة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد". (رواه أحمد)، ولأجل هذا كان أبو هريرة
وابن عمر رضي الله تعالى عنهما يخرجان إلى السوق يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما. [فتح الباري (2/ 581)]، وهذا ليس فيه دعوة للتكبير الجماعي أو الجهر به، فإنه خلاف هدي السلف، وهو من الاعتداء في الدعاء لا يحب الله فاعله، قال
تعالى: {ادعوا ربكم تضرعاً وخفيةً إنه لا يحب المعتدين}.[الأعراف:55]، قال الإمام الشاطبي في الاعتصام (1/ 342): [المعتدون: الرافعون أصواتهم بالدعاء]، فليس المراد بالجهر رفع الأصوات، ولكن هو ضد الإسرار، قال ابن الحاج في
المدخل (2/ 440): [وقد مضت السنة أن كل واحد يكبر لنفسه ولا يمشي على صوت غيره فإن ذلك من البدع، وفيه خرق لحرمة المسجد والمصلى]. (ملخصا).
5- ثم احرص يا أخا الإسلام على أن تتقرب إلى الله في تلك الأيام بسائر الطاعات، وتذكرقول الله تعالى في الحديث القدسي: "من عادى لي ولياً فقد آذنتهُ بالحربِ وما تقربَ إلي عبدي بشيءٍ أحبَّ إلي مما افترضته عليه، وما يزالُ عبدي يتقربُ
إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنتُ سمعه الذي يسمعُ به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس
المؤمن، يكره الموت، وأكره مساءته، ولابد له منه". (رواه البخاري)
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.