الخطبة الثانية
الحمدُ
لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى،
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه
ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى
يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها النَّاس، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، أيُّها المسلم،
أرحم المنكوبين، وضمد جرح المجروحين، وواسي المحتاجين، وارحم المسكين
والفقير، واحترم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، وادعوا الناس إلى الخير
والصلاح والهدى، واحذرهم من سبيل الشر والبلايا والرداء.
أيُّها القاضي، أرحم الخصمان الذي أمامك، أرحم الحاكم والمحكوم عليه رحمةً تقتضي منك إيصال الحق إلى أهله من غير محاباة ومجاملة.
أيُّها المحقق،
أرحم من تحقق معه، إياك أن تحمله على إقرار بأمر هو غير معتقد له ولا يراه
ولا قرابة به أو تحمله أمراً ما قاله ولا فعله، أتقي الله وارحمه أثناء
التحقيق، أرحم المعلم طلابك وأبناءك رحمة تقتضي تأديبهم وحمله على الخير.
أيُّها المسلم،
أرحم المستأجر فلا تحمله ما لا يطيق وأعنه في استحقاق الأجر ولا تحمله
أمرا يشق عليه راعه ظروفه وفقره وحاجته، وعلى المستأجر أن يراعي أيضا حاجة
المؤجر، فالكل يجب أن يكون بينهم تعاون لا المستأجر ولا المؤجر حتى تكون
الأمور على الخير، أرحم أيَّها المسلم، أرحم الجاهل فعلمه، أرحم العاصي
الذي زلت به قدمه أرحمه انصحه وأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر، وحذره من
أسباب الشر، وإياك والشماتة به، إياك وهتك عرضه، وإياك والفضح بعيبه، أرحمه
رحمة الشقيق المحسن الذي يحب الخير له، والنبي يقول: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"،
لتكون الرحمة متبادلة في أمورنا كلها، وفي تعاملنا مع ربنا، مع أنفسنا، مع
أهلينا وأولادنا، مع جيراننا، مع من نتعامل معه، نسال الله أن يعمنا
برحمته إنُّه على كل شيء قدير.
أيها
المسلمون اتقوا الله تعالى واعلموا أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ
الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ
بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن
شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا رحمكم الله على محمد صلى الله علي وسلم امتثالاً لأمر ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن
خُلفائه الراشدين، الأئمة المهدين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن
سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ
الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ
أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، وانصر
عبادك الموحدين، واجعل اللَّهمَّ هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد
المسلمين يا رب العالمين، اللَّهمَّ أمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة
أمورنا، ووفق ولاة أمور المسلمين لما فيه خير الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ
وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدالله بنَ عبدِالعزيزِ لكل خير،
اللَّهمَّ سدده في أقواله وأعماله،وبارك له في عمره وعمله، واجعله بركة على
نفسه وعلى مجتمع المسلم، اللَّهمَّ شد أزره بولي عهده نايف بن عبدِالعزيزِ
ووفقه للصواب فيما يقول ويعمل، وأعنه على مسئوليته وأمده بالصحة والسلامة والعافية، اللَّهمَّ وفقنا جميعا لما تحبه وترضى (رَبَّنَا
اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا
تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ
رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله، (إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]