خطبة: أيها المؤمن احذر أن تتضاعفَ سيئاتُك فيخفَّ ميزانُك. الشيخ: فؤاد أبو سعيد حفظه الله
أيها ألمؤمن إحذر أن تتضاعفَ سيئاتُك فيخف ميزانك
الحمد لله الذي يجازي أعداءَه بالعدل، ويجازي أولياءَه
بالفضل، فأصحاب السيئات والذنوب والخطايا، لا يُجزون إلا بما عملوا، أو يعفو عمن
يشاء، {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا} (غافر: 40)، {وَمَنْ
جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}
(الأنعام: 160) {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا
وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} (يونس: 27) هذا هو
الأصل أنَّ السيئة بمثلها.
ونحن في هذا الزمن ينطبق علينا ما قَالَه النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ
العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ
الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ -وَهُوَ القَتْلُ
القَتْلُ- حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ».
البخاري (1036).
فبقبض العلم وموتِ العلماء؛ فشا الجهلُ وكثُرَ الجهَّال،
فاتخذهم الناسُ رؤوسًا يفتونهم بجهلهم، فضلُّوا وأضلُّوا.
جهِلوا عظمة الله جل جلالُه، و{مَا قَدَرُوا اللَّهَ
حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: 74).
فاقترفوا السيئات، واستهانوا بالمحرمات، واجترؤوا على
الله في التحريم والتحليل، وما علموا -لجهلهم- أن السيئةَ تعظُمُ بالنسبة لشرف
الزمان، وتتضاعف الخطيئةُ بالنسبةِ لشرفِ المكان، قال بلال بن سعد: (لاَ تَنْظُرْ
إِلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ، وَلَكِنِ انْظُرْ مَنْ عَصَيْتَ). الطيوريات (3/
1206).
فانظر إلى النساء حرام، والنظر إليهن أثناء الصلاة أو حال
الصيام أو الحج أشدُّ حرمة، والسرقةُ حرام، وسرقة الصائم والمصلي،
والحاجِّ والجار أشدُّ حرمة، والقتلُ حرام، وقتلُ المسلمين
والمصلين والصائمين أعظمُ حرمة، وكذلك الزنا والربا، والكذب ونقض العهود ونحو ذلك.
وارتكابُ المعاصي والذنوبِ والسيئاتِ حرامٌ، والأصلُ في
ذلك المماثلة: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (الشورى: 40)، ومن
المماثلةِ في العقوبة؛ الدعوةُ إلى البدعِ والخزعبلات، الدعوةُ إلى الضلال وتركِ
الهُدَى، لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «... وَمَنْ دَعَا
إِلَى ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا
يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا». صحيح مسلم (2674). فدعاةُ
البدعِ والضلال، بجلبون الدمار والوبال، لأنفسهم وأهليهم وسائر المسلمين، والعجيبُ
أنهم يفعلون ذلك {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (الكهف: 104)،
ويرجون من الله تعالى ثوابا وأجرا ومن ذلكالإعتداء على الضعفاء!
وظلمُهم، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلاً قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ
يُكَذِّبُونَنِي، وَيَخُونُونَنِي وَيَعْصُونَنِي، وَأَشْتُمُهُمْ وَأَضْرِبُهُمْ
فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ؟) قَالَ: «يُحْسَبُ مَا خَانُوكَ وَعَصَوْكَ
وَكَذَّبُوكَ وَعِقَابُكَ إِيَّاهُمْ؛ فَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ بِقَدْرِ
ذُنُوبِهِمْ كَانَ كَفَافًا، لا لَكَ وَلا عَلَيْكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ
إِيَّاهُمْ دُونَ ذُنُوبِهِمْ كَانَ فَضْلاً لَكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ
إِيَّاهُمْ فَوْقَ ذُنُوبِهِمْ اقْتُصَّ لَهُمْ مِنْكَ الفَضْلُ». قَالَ:
فَتَنَحَّى الرَّجُلُ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَهْتِفُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ {وَنَضَعُ
الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا
وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا
حَاسِبِينَ}». (الأنبياء: 47). فَقَالَ الرَّجُلُ: (وَاللَّهِ يَا رَسُولَ
اللَّهِ! مَا أَجِدُ لِي وَلَهُمْ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ مُفَارَقَتِهِمْ،
أُشْهِدُكَ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ كُلُّهُمْ). سنن الترمذي (3165) صحيح الترغيب (2/
280، رقم 2290).
هذا في المماثلة، وأحيانا تتضاعف
السيئة بمثليها، وذلك لشرف الفاعل، وأنه من الصالحين المتقين، أو من الدعاة
والعلماء المخلصين، فنساء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لو عصت واحدةٌ منهنَّ النبيَّ
صلى الله عليه وسلم، وخالفتْ أمرَه يضاعفُ لها العذاب، عافاهنَّ الله من ذلك، [عَنْ
مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: يَعْنِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنَّكُنَّ
مَعْشَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْظُرْنَ إِلَى
الْوَحْيِ، فَأَنْتُنَّ أَحَقُّ النَّاسِ بِالتَّقْوَى، وَقَالَ قَبْلَهُ: {يَا
نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، .. يَعْنِي
الْعِصْيَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ {يُضَاعَفْ لَهَا
الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} (الأحزاب: 30) فِي الآخِرَةِ،...]. السنن الكبرى للبيهقي
(7/ 116، رقم 13428).
[قال العلماء: إنَّ السيئة تعظم
أحيانًا بشرف الزمان أو المكان، وقد تضاعف بشرف
فاعلها وقوةِ معرفته، ..]. تطريز رياض الصالحين (ص: 17)
قال ابن رجب: [وقد تُضاعَفُ السيِّئاتُ
بشرف فاعلها، وقوَّة معرفته بالله، وقُربِه منه، فإنَّ مَنْ عَصى السُّلطان على
بِساطِه أعظمُ جُرماً مِمَّن عصاه على بُعد، ولهذا توعَّد الله خاصَّةَ عباده على
المعصية بمضاعَفةِ الجزاء، وإن كان قد عصمَهم منها، ليبيِّنَ لهم فضلَه عليهم
بِعصمَتهم مِنْ ذلك، كما قال تعالى: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ
تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً* إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ
وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} (الإسراء: 74،
75)..] جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (3/ 1042).
كان [الْحسن بن الْحُسَيْن أَخا عبد الله بن الْحُسَيْن
=من آل البيت= رَضِي الله عَنْهُم.. يَقُول لرجل مِمَّن يغلوا فيهم =من الشيعة=:
(وَيحكم! أحبُّونا فِي الله، فَإِنْ أَطعْنَا الله فأحبُّونا، وَإِن عصينا الله
فابغضونا). فَقَالَ الرجل: (إِنَّكُم لذُو قرَابَةٍ من رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم!) فَقَالَ: (وَالله! لَو كَانَ الله نَافِعًا بِقرَابَةٍ مِنْهُ
=صلى الله عَلَيْهِ وَسلم= لنفع بذلك أقربَ مِنْهُ أَبَاهُ وَأمه، وَالله! إِنِّي
لأخاف أَن يُضَاعف للعاصي منَّا الْعَذَاب ضعفين؛ كَمَا يُؤْتِي المحسنُ منا أجرَه
مرَّتَيْنِ..] نوادر الأصول في أحاديث الرسول (3/ 140).
واقترافُ المعاصي والسيئاتِ في المساجد
وبيوت الله عامَّةً يوجب مضاعفةَ العقوبة، أما إذا تكلمنا عن المسجد
الحرام خاصَّة فأشدُّ حرمة، ويتضاعفُ العذابُ على مرتكبيها، فإذا كان
مجردُ التفكير في المعصية يحاسَب عليه {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ
نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (الحج: 25)، فكيف بمن قام بها وفعلها؟!
[فمجردُ إرادةِ الظلمِ والإلحادِ في الحَرَم؛ موجبٌ
للعذاب، وإن كان غيرُه لا يعاقَبُ العبدُ عليه إلا بعمل الظلم، فكيف بمن أتى فيه
=أي في بيت الله الحرام= أعظمَ الظلم؛ من الكفرِ والشرك، والصدِّ عن سبيله، ومنعِ
من يريده بزيارة، فما ظنُّكم أنْ يفعلَ الله بهم؟!] تفسير السعدي (536).
[وتدل الآية على أن الواجب على من كان فيه، =أي في
المسجد الحرام= أن يضبطَ نفسه، ويسلكَ طريقَ السدادِ والعدلِ في جميع ما يهمّ به
ويقصده. وقد ذهب بعضُ السلفِ إلى أن السيئةَ في الحرم أعظمُ منها في غيره، وأنها
تضاعف فيه]. تفسير القاسمي (7/ 239).
والزنا حرامٌ، وبالمتزوجاتِ أشدُّ
حرمةً، وبحليلةِ الجارِ أعظمُ، وبزوجةِ المجاهدِ في سبيل الله
أكبرُ وأفظعُ، وأعظمُها زنا المحارم، و"لأَنْ يَزْنِيَ
الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَةٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ،
وَلأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشَرَةِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ لهُ مِنْ أَنْ
يَسْرِقَ مِنْ بَيْتِ جَارِهِ". صحيح الجامع (5043).
قال المناوي: [(.. خير له من أن يزني بامرأة جاره) ويقاس
بها نحو أمَتِه وبنته وأخته، وذلك لأن من حقِّ الجار على الجار أن لا يخونه في
أهله، فإن فعل ذلك كان عقابُ تلك الزنية يعدل عذابَ عشرِ زنيات. قال الذهبي في
الكبائر: فيه أنَّ بعضَ الزنا أكبر إثما من بعض. قال: وأعظمُ الزنا بالأمِّ والأخت
وامرأة الأب، وبالمحارم وبامرأة الجار... فالزنا كبيرة إجماعا، وبعضه أفحش من بعض،
... (ولأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر له من أن يسرق من بيت جاره) فيه تحذير
عظيم من أذى الجارِ بكلِّ طريقٍ من فعلٍ أو قولٍ،..]. فيض القدير ( 5/
258)
وخيانةُ نساءِ المجاهدين من العظائم، قَالَ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى
الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ
يَخْلُفُ رَجُلاً مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ، إِلاَّ
وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ، فَمَا
ظَنُّكُمْ؟» صحيح مسلم (1897) وزاد النسائي: ثُمَّ الْتَفَتَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «مَا
ظَنُّكُمْ؟ تُرَوْنَ يَدَعُ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا؟!». سنن
النسائي (3191).
والكذبُ مما حرَّمَه دينُنا الحنيف، والكذبُ على الله من العظائم، والتحليلُ
والتحريمُ بالرأي والهوى من الافتراء على الله: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ
أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ
الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ*
مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النحل: 116، 117). {وَمَنْ أَظْلَمُ
مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ
وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الصف: 7).
والكذبُ على النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يختلف عن الكذب على غيره، فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ
مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» صحيح البخاري
(1291).
وهناك ذنوبٌ تُضاعفُ إلى الثلاثين أو
السبعين كالربا مثلا، فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: «الرِّبَا ثَلاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا» سنن ابن ماجه
(2275). وفي رواية: «الرِّبَا سَبْعُونَ حُوبًا، أَيْسَرُهَا أَنْ يَنْكِحَ
الرَّجُلُ أُمَّهُ». سنن ابن ماجه (2274) ونحوه الصحيحة
(1871)
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الرِّبَا وَعَظَّمَ شَأْنَهُ
فَقَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ يُصِيبُ مِنَ الرِّبَا أَعْظَمَ عِنْدَ اللهِ
فِي الْخَطِيئَةِ مِنْ سِتٍّ وَثَلاثِينَ زَنْيَةً يَزْنِيهَا الرَّجُلُ، وَإِنَّ
أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ". شعب الإيمان للبيهقي (7/
365، رقم 5135). صحيح الترغيب (2/ 178، رقم 1856).
قال الشوكاني: [قَوْلُهُ: (أَشَدُّ مِنْ سِتٍّ
وَثَلاثِينَ) . . . إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْصِيَةَ الرِّبَا مِنْ أَشَدِّ
الْمَعَاصِي؛ لأَنَّ الْمَعْصِيَةَ الَّتِي تَعْدِلُ مَعْصِيَةَ الزِّنَا؛ الَّتِي
هِيَ فِي غَايَةِ الْفَظَاعَةِ وَالشَّنَاعَةِ بِمِقْدَارِ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ
بَلْ أَشَدُّ مِنْهَا، لا شَكَّ أَنَّهَا قَدْ تَجَاوَزَتْ الْحَدَّ فِي الْقُبْحِ،
وَأَقْبَحُ مِنْهَا؛ اسْتِطَالَةُ الرَّجُلِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ،
وَلِهَذَا جَعَلَهَا =الشرعُ= أَرْبَى الرِّبَا، وَبَعْدُ؛ الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ
بِالْكَلِمَةِ الَّتِي لا يَجِدُ لَهَا لَذَّةً، وَلا تَزِيدُ فِي مَالِهِ وَلا
جَاهِهِ، فَيَكُونُ إثْمُهُ عِنْدَ اللَّهِ أَشَدَّ مِنْ إثْمِ مَنْ زَنَى سِتًّا
وَثَلاثِينَ زَنْيَةً، هَذَا مَا لا يَصْنَعُهُ بِنَفْسِهِ عَاقِلٌ! نَسْأَلُ
اللَّهَ تَعَالَى السَّلامَةَ. آمِينْ آمِينْ!]. نيل الأوطار (5/ 225).وتوبوا إلى
الله واستغفروه إنه وهو الغفور الرحيم.