وتلاوة القرآن وحفظه تزيد الإيمان لكن الله بين أنه ذلك أيضا للمؤمنين قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الأنفال2
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ الدَّهْرِ وَإِنَّ أَحَدَنَا يُؤْتَى الْإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ , وَفِي لَفْظٍ : إنَّا كُنَّا صُدُورَ هَذِهِ الْأُمَّةِ , وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْ خِيَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَصَالِحِيهِمْ مَا يُقِيمُ إلَّا سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ , وَكَانَ الْقُرْآنُ ثَقِيلًا عَلَيْهِمْ وَرُزِقُوا عِلْمًا بِهِ وَعَمَلًا , وَإِنَّ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَخِفُّ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ حَتَّى يَقْرَأَهُ الصَّبِيُّ وَالْعَجَمِيُّ لَا يَعْلَمُونَ مِنْهُ شَيْئًا , أَوْ قَالَ لَا يُسَلِّمُونَ مِنْهُ الشَّيْءَ )) الفتاوى لشيخ الإسلام 6/ 650
وعَنْ حَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: إنَّا آمَنَّا وَلَمْ نَقْرَأْ الْقُرْآنَ وَسَيَجِيءُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَلَا يُؤْمِنُونَ )) الفتاوى لشيخ الإسلام 6/ 650
وليس معنى ذلك هو التقليل من شأن تلاوة القرأن وحفظه حاشا لله، بل التهيئة للانتفاع به.
تأمل ما قاله أبو بكر بن عياش " مَا سَبَقَكُمْ أَبُو بَكْرٍ بِفَضْلِ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ وَلَكِنْ بِشَيْءِ وَقَرَ فِي قَلْبِهِ " . وَهُوَ الْيَقِينُ وَالْإِيمَانُ )) مجموع الفتاوى 2/285
قال قتادة في قوله( وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه( وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ ) به( إِلا خَسَارًا) أنه لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه، وإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين. ابن جرير الطبري : 17/525
وقال قتادة : لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان قضى الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا اهـ تفسير البغوي/ 123
قال الإمام الطبري : في قوله عزّ وجلّ( وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) يقول تعالى ذكره: وننزل عليك يا محمد من القرآن ما هو شفاء يستشفى به من الجهل من الضلالة، ويبصر به من العمى للمؤمنين ورحمة لهم دون الكافرين به، لأن المؤمنين يعملون بما فيه من فرائض الله، ويحلون حلاله، ويحرّمون حرامه فيدخلهم بذلك الجنة، ويُنجيهم من عذابه، فهو لهم رحمة ونعمة من الله، أنعم بها عليهم( []وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا[/] ) يقول: ولا يزيد هذا الذي ننزل عليك من القرآن الكافرين به إلا خسارا: يقول: إهلاكا، لأنهم كلما نزل فيه أمر من الله بشيء أو نهى عن شيء كفروا به، [)"]فلم يأتمروا لأمره، ولم ينتهوا عما نهاهم عنه، فزادهم ذلك خسارا إلى ما كانوا فيه[/] قبل ذلك من الخسار، ورجسا إلى رجسهم اهـ ابن جرير الطبري : 17/525
من كتاب 60 وسيلة في زيادة الإيمان لـ جمال القرش