| كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 8:56 pm | |
| كلام أئمة السنة، وأعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية
(( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ))
1-امام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمة الله.
سأل إسماعيل بن سعد الإمام أحمد بن حنبل: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾, ما هذا الكفر؟ قال: "كفر لا يخرج من الملة "[1].
وقال ابن هانئ: "وسألته عن حديث طاووس عن قوله: كفر لا ينقل عن الملة؟
قال أبو عبد الله: إنما هذا في هذه الآية: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ"[2].
وانظر مرويات الإمام أحمدفى التفسير2/45، ومسائل أحمد برواية أبي داود(209)[3]
وهو ما أكده ابن تيمية: " وقال ابن عباس،رضي الله عنهما، وغير واحد من السلف: كفر دون كفر،وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم، وقد ذكر ذلك أحمد والبخاري وغيرهما"[4].
وقد سُئل أحمد، رحمه الله،عن الكفر المذكور في آية الحكم؛ فقال: " كفر لا ينقل عن الملة؛ مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه "[5].
2-البخاري في «صحيحه»: ( باب كفران العشير، وكفر دون كفر).
قال القاضي ابن العربي المالكي: "مراد المصنف؛ يعني: البخاري: أن يبين أن
الطاعات؛ كما تسمى إيماناً؛ كذلك المعاصي تسمى كفراً؛ لكن حيث يطلق عليها
الكفر: لا يراد الكفر المخرج من الملة"[6].
3- يقول الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاّم في الإيمان: " وأما الفرق ان الشاهد عليه في التنزيل: فقول الله عز وجل: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَاللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "ليس بكفر ينقل من الملة". وقال عطاء بن أبي رباح: "كفر دون كفر".
فقد تبين لنا إذا كان ليس بناقل عن ملة الإسلام أن الدين باق على حاله،وإن
خالطه ذنوب، فلا معنى له إلا أخلاق الكفار وسنتهم؛ لأن من سنن الكافر
الحكم بغير ما أنزل الله".
ألا تسمع قوله: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾.
وتأويله عند أهل التفسير: أن من حكم بغير ما أنزل الله، وهو على ملة
الإسلام، كان بذلك الحكم كأهل الجاهلية، إنما هو أن أهل الجاهلية كذلك
كانوا يحكمون"[7].
4- يقول ابن جرير الطبري:
"وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفّار
أهل الكتاب؛ لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت، وهم المعنيون
بها، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبراًعنهم أولى.
فإن قال قائل: فإن الله تعالى قد عمّ بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما
أنزل الله، فكيف جعلته خاصاً؟! قيل: إن الله تعالى عمّ بالخبر بذلك عن قوم
كانوا بحكم الله، الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبرعنهم أنهم،بتركهم
الحكم على سبيل ما تركوه،كافرون، وكذلك القول في كلّ من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، هو بالله كافر؛ كما قال ابن عباس"[8].
وقال: يقول تعالى ذكره: ومن كتم حُكم الله، الذي أنـزله في كتابه، وجعله
حكمًا يين عباده، فأخفاه وحكم بغيره،كحكم اليهود في الزانيين المحصنين
بالتجبيه والتحميم،وكتمانهم الرجم، وكقضائهم في بعض قتلاهم بدية كاملة وفي
بعض بنصف الدية، وفي الأشراف بالقِصاص، وفي الأدنياء بالدية، وقد سوَّى
الله بين جميعهم في الحكم عليهم في التوراة:
﴿ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ هؤلاء الذين لم يحكموا بما أنـزل الله في كتابه، ولكن بدَّلواوغيروا حكمه، وكتموا الحقَّ الذي أنـزله في كتابه" هم الكافرون "...: هم الذين سَتَروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينُه،وغطَّوه عن
الناس،وأظهروا لهم غيره، وقضوا به، لسحتٍ أخذوه منهم عليه[9].
5- يقول أبو عبد الله ابن بطة العكبري: "باب ذكر الذنوب التي تصير بصاحبها إلى كفر غير خارج به من الملّة"[10]،
وذكر ضمن هذا الباب: الحكم بغير ما أنزل الله، وأورد آثار الصحابة والتابعين على أنه كفر أصغر غير ناقل من الملة"[11].
| |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 8:57 pm | |
| 6- يقول الإمام محمد بن نصر المروزي: "ولنا في هذا قدوة بمن روى عنهم من أصحاب رسول الله،صلى الله عليه وسلم، والتابعين؛ إذ جعلوا للكفر فروعاً- دون أصله - لا تنقل صاحبه عن ملة الإسلام، كما ثبتوا للإيمان من
جهة العمل فرعاً للأصل، لا ينقل تركه عن ملة الإسلام، من ذلك قول ابن عباس-أي كفر دون كفر- في قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُون ﴾[12].
وقال، معقباً على أثر عطاء - أي كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق-: " وقد صدق عطاء؛ قد يسمى الكافر ظالماً، ويسمى العاصي من المسلمين ظالماً، فظلم ينقل عن ملة الإسلام وظلم لاينقل"[13].
7- يقول ابن الجوزي: " وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً له، وهو يعلم أن الله أنزله؛ كما فعلت اليهود؛ فهو كافر. ومن لم يحكم به ميلاً إلى الهوى من غير جحود؛ فهو ظالم فاسق، وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس؛ أنه قال: من جحد ما أنزل الله؛ فقد كفر، ومن أقر به؛ ولم يحكم به؛ فهوظالم فاسق"[14].
8- يقول ابن العربي: " وهذا يختلف: إن حكم بما عنده على أنه من عند الله، فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوى ومعصية، فهو ذنب تدركه المغفرة، على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين"[15].
9- يقول الإمام القرطبي-وهو شيخ القرطبي صاحب التفسيرالشهير-: "وقوله ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ يحتج بظاهره من يكفر بالذنوب، وهم الخوارج!، ولا حجة لهم فيه؛ لأنهذه الآيات نزلت في اليهود المحرفين كلام الله تعالى،
كما جاء في الحديث، وهم كفار،فيشاركهم في حكمها من يشاركهم في سبب
النزول"[16].
وقال أيضا: "ومقصود هذاالبحث، أنَّ هذه الآيات – آيات المائدة – المراد بها: أهل الكفر والعناد، وأنها وإن كانت ألفاظها عامة، فقد خرج منها المسلمون؛ لأنَّ ترك العمل بالحكم، مع الإيمان بأصله هو دون الشرك، وقد قال تعالى: {إن الله لايَغْفِرُ أن يُشرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ}النساء:48. وترك الحكم بذلك ليس بشرك بالاتفاق، فيجوز أن يغفر،والكفر لا يغفر، فلا يكون ترك العمل بالحكم كفراً"[17].
10- قال الإمام القرطبي: " قوله تعالى: فأوْلئك هم الكافرون، والظالمون، والفاسقون. نزلت كلها في الكفار ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث البراء ( فذكره بطوله ). فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة. وقيل: فيه إضمار،
أي: ومن لم يحكم بما أنزل الله ردا للقرآن وجحدا لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم،، فهو كافر. قاله ابن عباس ومجاهد "[18].
| |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 8:57 pm | |
| 1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية، في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ (المائدة 44): " أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله"[19].
وقال رحمه الله: "وإذا كان من قول السلف: إن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنه يكون فيه إيمان وكفر، وليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة؛ كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى:﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا
أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾، قالوا: كفروا كفراً لا ينقل عن الملّة. وقد اتبعهم على ذلك أحمد وغيره من أئمة السنة"[20].
وقال: "وقال ابن عباس وغير واحد من السلف في قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُفَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾، { فأولئك هم الفاسقون }،
{ فأولئك هم الظالمون }: كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم. وقد ذكر ذلك أحمد والبخاري وغيرهما"[21].
وقال: " وقد يكون مسلماً، وفيه كفر دون الكفر، الذي ينقل عن الإسلام بالكلية؛ كما قال الصحابة: ابن عباس وغيره: كفر دون كفر،
وهذا قول عامة السلف، وهو الذي نص عليه أحمد وغيره... وهذا -أيضاً- مما استشهد به البخاري في صحيحه[22].
وقال: "قال ابن عباس وأصحابه:كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، وكذلك قال أهل السنة؛ كأحمد بن حنبل وغيره"[23].
وقال: "وقال غير واحد من السلف: كفر دون كفر، ونفاق دون نفاق، وشرك دون شرك"[24].
وقال أيضا: "وإن كان من قول السلف أن الإنسان
يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان وكفر؛ ليس هو
الكفر الذي ينقل عن الملة، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ قالوا: كفر لا ينقل عن الملة. وقد اتبعهم على ذلك أحمد وغيره من أئمة السنة[25].اهـ
وقال أيضا: " فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم بغير ما أنزل الله، فلم يلتزموا ذلك ، بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله، فهم كفار
وإلا كانوا جهالاً، والحكم بما أنزل الله واجب "[26].
12- وقال ابن قيم الجوزية، رحمه الله:
" فأما الكفر؛ فنوعان: كفر أكبر، وكفرأصغر.
فالكفر الأكبر هو الموجب للخلود في النار.
والأصغر: موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود... وهذا تأويل ابن عباس وعامة الصحابة في قوله، تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُفَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾
قال ابن عباس: «ليس بكفر ينقل عن الملة، بل إذا فعله، فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليومالآخر".
وكذلك قال طاووس. وقال عطاء: " هو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق".
ثم فصل،رحمه الله، حكم الذي لا يحكم بما أنزل الله بكلام رائع رائق[27]، أعاده بصورة أجمل في كتاب الصلاة؛
فقال: " فصل: الكفر نوعان: كفرعمل، وكفر جحود وعناد.
فكفر الجحود: أن يكفر بماعلم أن الرسول،صلى الله عليه وسلم، جاء به من عند الله جحوداً وعناداً من أسماء الرب، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه. وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه.
وأما كفر العمل: فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده. فالسجود للصنم، والاستهانة بالمصحف، وقتل النبي وسبه، يضاد الإيمان. وأما الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة فهو من الكفر العملي قطعاً، ولايمكن أن يُنفي
عنه اسم الكفر بعد أن أطلقه الله ورسوله عليه: فالحاكم بغير ما أنزل الله كافر، وتارك الصلاة كافر بنص رسول الله،صلى الله عليه وسلم، ولكن هو كفرعمل، لاكفر اعتقاد. ومن الممتنع أن يسمى الله، سبحانه، الحاكم بغير ما
أنزل الله كافراً، ويسمى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تارك الصلاة كافراً، ولا يُطلق عليهما اسم كافر، وقد نفى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر، وعمن لا يأمن جاره بوائقه.
وإذا نفى عنه اسم الإيمان، فهو كافر من جهة العمل، وانتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد، وكذلك قوله: "لا ترجعوابعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"( البخاري 5700)، فهذا كفر عمل، وكذلك قوله: "من أتى كاهناً
فصدقه، أو امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد"، وقوله: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما".
وقد سمى الله، سبحانه وتعالى، من عمل ببعض كتابه، وترك العمل ببعضه مؤمناً بما عمل به، وكافراً بما ترك العمل به؛ فقال تعالى: { وَإِذْ
أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ
أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)
ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً
مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَتَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ
عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ
وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ
إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ
إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) } ( البقرة).
فأخبر سبحانه أنهم أقروا بميثاقه، الذي أمرهم به والتزموه، وهذا يدل على
تصديقهم به أنهم لا يقتل بعضهم بعضاً، ولا يخرج بعضهم بعضاً من ديارهم. ثم
أخبر أنهم عصوا أمره. وقتل فريق منهم فريقاً، وأخرجوهم من ديارهم. فهذا
كفرهم بما أُخذ عليهم في الكتاب، ثم أخبر أنهم يفدون من أُسر من ذلك
الفريق، وهذا إيمان منهم بما أُخذ عليهم في الكتاب، فكانوا مؤمنين بما
عملوا به من الميثاق، كافرين بما تركوه منه. فالإيمان العملي يضاده الكفر العملي، والإيمان الاعتقادي، يضاده الكفر الاعتقادي،
وقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم، بما قلناه في قوله في الحديث الصحيح: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، ففرق بين قتاله وسبابه، وجعل أحدهما فسوقاً لا يكفر به، والآخر كفراً، ومعلوم أنه
إنما أراد الكفر العملي لا الاعتقادي، وهذا الكفر لا يخرجه من الدائرة الإسلامية والملة بالكلية، كما لايخرج الزاني والسارق والشارب من الملة وإن زال عنه اسم الإيمان.
وهذا التفصيل هو قول الصحابة الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله وبالإسلام والكفر ولوازمهما، فلا تُتلقى هذه المسائل إلاعنهم. فإن المتأخرين لم يفهموا مرادهم فانقسموا فريقين:
·فريقاً أخرجوا من الملة بالكبائر،وقضوا على أصحابها بالخلود في النار
·وفريقاً جعلوهم مؤمنين كاملي الإيمان.
فهؤلاء غلوا، وهؤلاء جفوا. وهدى الله أهل السنة للطريقة المثلى والقول الوسط، الذي هو في المذاهب كالإسلام في الملل. فها هنا كفر دون كفر، ونفاق دون نفاق، وشرك دون شرك وفسوق دون فسوق، وظلم دون ظلم. قال
سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس، في قوله تعالى: ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾المائدة:44)، ليس هو بالكفر الذي يذهبون إليه.
وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله:
﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُمبِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }
قال: هو بهم كفر، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله.
وقال في رواية أخرى عنه: كفر لا ينقل عن الملة.
وقال طاووس: ليس بكفر ينقل عن الملة. وقال وكيع عن سفيان عن بن جريج عن عطاء: كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسقدون فسق.
وهذا الذي قاله عطاء بين في القرآن لمن فهمه، فإن الله سبحانه سمى الحاكم بغير ما أنزله كافراً. وسمى جاحد ما أنزله على رسوله كافراً. وليس الكافران على حد سواء"[28].
13- وقال ابن كثير: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾؛ لأنهم جحدوا حكم الله قصداً منهم وعناداً وعمداً[29].
14- وقال البقاعي:
( ولما نهى عن الأمرين وكان ترك الحكم بالكتاب؛ إما لاستهانة أو خوف أو
رجاء أو شهوة، رتب ختام الآيات على الكفر والظلم والفسق. قال ابن عباس: "من جحد حكم الله كفر، ومن لم يحكم به وهو مقر فهو ظالم فاسق"[30].
15- وقال الشاطبي: "هذه الآية، والآيتان بعدها، نزلت في الكفار، ومن غيّر حكم الله من اليهود، وليس في أهل الإسلام منها شيء؛ لأن المسلم –وإن ارتكب كبيرة- لا يقال له: كافر"[31]. | |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 8:58 pm | |
| 16- وقال ابن حجر العسقلاني: " إن الآيات، وإن كان سببها أهل الكتاب، لكن عمومها يتناول غيرهم، لكن لما تقرر من قواعد الشريعة: أن مرتكب المعصية لا يسمى: كافراً،
ولا يسمى – أيضاً – ظالماً؛ لأن الظلم قد فُسر بالشرك، فبقيت الصفة الثالثة ؛ يعني الفسق"[32].
17- وقال الخازن: " قال جماعة من المفسرين: إن الآيات الثلاث نزلت في الكفار ومن غيّر حكم الله من اليهود؛ لأن المسلم وإن ارتكب كبيرة لا يقال إنه كافر. وهذا قول ابن عباس وقتادة والضحاك[33].
18- وقال الجصاص: "المراد:جحود حكم الله، أو الحكم بغيره مع الإخبار بأنه حكم الله. فهذا كفر يخرج عن الملة، وفاعله
مرتد إن كان قبل ذلك مسلماً. وعلى هذا تأوله من قال: إنما نزلت في بني
إسرائيل، وزجرت فينا. يعنون أن من جحد حكم الله، أو حكم بغيرحكم الله، ثم قال: إن هذا حكم الله؛ فهو كافر، كما كفرت بنو إسرائيل حين فعلوا ذلك "[34].
19- وقال أبو المظفرالسمعاني: " واعلم أن الخوارج يستدلون بهذه الآية، ويقولون: " من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر، وأهل السنة قالوا لا يكفر بترك الحكم"[35].
20- وقال ابن عبدالبر: " وأجمع العلماء على أن الجور في الحكم من الكبائر لمن تعمد ذلك عالماً به. رويت في ذلك آثار شديدة عن السلف وقال الله عز وجل: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ و ( الظالمون ) و ( الفاسقون ) نزلت في أهل الكتاب. قال حذيفة وابن عباس: وهي عامة فينا. قالوا ليس بكفر ينقل عن الملة، إذا فعل ذلك رجل من أهل هذه الأمة حتى يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر"[36]. | |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 8:58 pm | |
| 21- وقال الإمام ابن حزم:
" وكل معتقد أو قائل أو عامل فهو حاكم في ذلك الشيء، وإن خالفه بعمله معانداً للحق معتقداً بخلاف ما عمل به – قلت: أي الذي لم يجحد بقلبه
وإنما عمل بما يضاد الحق وهو يعتقد أن الحق بخلاف ما عمل - فهو مؤمن فاسق، وإن خالفه معانداً بقوله أو قلبه فهو كافر مشرك "
[37].
22- روى الخطيب البغدادي رحمه الله:
" عن الحسن بن خضر قال: سمعت ابن أبي دؤاد يقول: أُدخل رجلٌ من الخوارج على المأمون.
فقال: ماحملك على خلافنا ؟
قال: آيةٌ في كتاب الله تعالى.
قال: وما هي ؟
قال: قوله: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾.
فقال له المأمون: ألكَ عِلمٌ بأنها مُنزَلة؟
قال: نعم.
قال: وما دليلك؟
قال: إجماع الأمة.
قال:فكما رضيتَ بإجماعهم في التنزيل فارضَ بإجماعهم في التأويل.
قال: صدقتَ،السلام عليك يا أمير المؤمنين."[38].
23- قال الإمام أبوالسعود: "﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ ﴾ كائناً من كان، دون المخاطبين خاصة؛ فإنهم مندرجون فيه اندراجاً أولياً. أي:
من لم يحكم بذلك مستهيناً به منكِراً، كما يقتضيه ما فعلوه من تحريف آيات الله تعالى اقتضاءً بيّناً ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ لاستهانتهم به"[39].
24- قال جمال الدين القاسمي:
" كفر الحاكم بغير ما أنزل الله بقيد الاستهانة والجحود له، وهو الذي نحاه كثيرون وأثروه عن عكرمة وابن عباس)
[40].
25- فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
س: من لم يحكم بما أنزل الله هل هو مسلم أم كافر كفرا أكبر وتقبل منه أعماله ؟
جـ: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد:
قال تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ وقال تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظالمون ﴾
وقال تعالى: { ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الفاسقون ﴾. إن استحل ذلك واعتقده جائزا،
فهو كفر أكبر وظلم أكبر وفسق أكبر،يخرج من الملة، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة، أو مقصد آخر،
وهو يعتقد تحريم ذلك، فإنه آثم يعتبر كافرا كفرا أصغر، وظالما ظلما أصغر، وفاسقا فسقا أصغر، لا يخرجه من الملة، كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الرئيس عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبدالله بن غديان[41]
* س: فما حكم من يتحاكم إلى القوانين الوضعية، وهو يعلم بطلانها؛ فلا يحاربها ولا يعمل على إزالتها؟
جـ: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد:
الواجب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، عند الاختلاف. قال تعالى: ﴿ فَإِن
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن
كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ ( النساء 58) وقال تعالى: ﴿
فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ﴾ ( النساء 65 ).
والتحاكم يكون إلى كتاب الله تعالى، وإلى سنة الرسول، صلى الله عليه وسلم، فإن لم يتحاكم إليها مستحلاً التحاكم إلى غيرهما من القوانين الوضعية؛ بدافع طمع في مال أوجاه أو منصب،
فهومرتكب معصية، وفاسق فسقاً دون فسق، ولا يخرج من دائرة الإيمان.
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
عضو: عبدالله بن قعود
عضو: عبدالله بن غديان[42] | |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 8:59 pm | |
| 26- ذكر الشيخ الشنقيطي رحمه الله:
﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ فالخطاب للمسلمين، كما هو ظاهر متبادر من سياق الآية. وعليه
فالكفر إما كفر دون كفر، وإما أن يكون فعل ذلك مستحلا له، أو قاصدا به جحد أحكام
الله، وردها مع العلم بها. أما من حكم بغير حكم الله، وهو عالم أنه مرتكب
ذنبا فاعل قبيحا، وإنما حمله على ذلك الهوى، فهومن سائر عصاة
المسلمين)[43].
وقال كذلك:
( واعلم أن تحرير المقام، في هذا البحث، أن الكفر والظلم والفسق، كل واحد منها أُطلق في الشرع مراداً به المعصية تارة، والكفر المخرج من الملة أخرى: -
﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ) ؛ معارضة للرسل، وإبطالاً لأحكام الله، فظلمه وفسقه وكفره كلها مخرج عن الملة.( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهَُ)؛ معتقداً أنه مرتكب حراماً،
فاعل قبيحاً، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرجٍ من الملة)[44].
وقال كذلك:
( فالإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته، قال في حكمه:{ وَلاَ يُشرِكُ فيِ حُكمِهِ أَحَداً } (الكهف 110). وفي قراءة ابن عامر من السبعة:
{ وَلاَ تُشْركْ فيِ حُكمِهِ أَحَداً }، بصيغة النهي، وقال في الإشراك به في عبادته: { فَمَن كَانَ يَرجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشرِكُ فيِ حُكمِهِ أَحَداً}، فالأمران سواء.
ثم قيد الشيخ ما أطلقه، فقال بعد ذلك مباشرة: ( وبذلك تعلم أن الحلال هو ما أحله الله، والحرام هو ما حرمه الله، والدين هو ما شرعه الله، فكل تشريع من غيره باطل، والعمل به –
بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله أو خير منه- كفرٌ بواح لا نزاع فيه ). [45] اهـ
وقد عمد بعض المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة إلى بتر كلام الشيخ وتحريفه، فقال:
" ذكر الشيخ الشنقيطي رحمه الله أن الإشراك في العبادة، والإشراك في الحكم،
لهما نفس الحكم، ولا فرق بينهما حيث قال في أضوائه: ( والإشراك بالله في
حكمه، والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد، لا فرق بينهما البتة، فالذي
يتبع نظاماً غير نظام الله، وتشريعاً غير تشريع الله، كالذي يعبد الصنم
ويسجد للوثن، ولا فرق بينهما البتة بوجه من الوجوه، فهما واحد، وكلاهما
مشرك بالله). وعزاه في الحاشية إلى أضواء البيان (7/162) " اهـ.
فلماذا يعرضون عن القول الحق، ويبترونه، وهو كائن في الصفحة نفسها؟
ومن ثم، فقول الشنقيطي يؤيد أن العمل بالتشريعات
الوضعية، من غير ما اعتقاد أو استحلال، ليس بكفر يخرج من الملة الإسلامية،
فلماذا يبتر إخواننا النصوص ويغفلون بعضها؟!!
يقول الشنقيطي: "وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السموات والارض؛
فتحكيمه كفر بخالق السموات والأرض؛ كدعوى أن تفضيل الذكر على الأنثى في
الميراث ليس بإنصاف، وأنهما يلزم استواؤهما في الميراث. وكدعوى أن تعدد
الزوجات ظلم، وأن الطلاق ظلم للمرأة، وأن الرجم والقطع ونحوهما أعمال
وحشية، لا يسوغ فعلها بالإنسان، ونحو ذلك" ... ففيه ضرب لمثال، وتفصيل بعد
إجمال.
فهذه أمثلةٌ ناطقةٌ أن مقصود الشنقيطي بالذين لا يُشك في كفرهم أولئك الذين طعنوا في أحكام الشريعة الإسلامية، وجحدوها، وفضلوا الحكم بالقوانين الوضعية والأحكام الجاهلية!
27- يقولالشيخ محمد رشيد رضا رحمة الله:
" أما ظاهر الآية فلم يقل به أحد من أئمة الفقه المشهورين، بل لم يقل به أحدقط...وقد
استحدث كثير من المسلمين من الشرائع والأحكام نحو ما استحدث الذين من
قبلهم، وتركوا بالحكم بها بعضَ ما أنزل الله عليهم، فالذين يتركون ما أنزل
الله في كتابه من الأحكام،من غير تأويل يعتقدون صحته، فإنه يصدق عليهم ما
قاله الله، تعالى، في الآيات الثلاث أو بعضها، كل بحسب حاله:
فمن أعرض عن الحكم بحد السرقة أو القذف أو الزنا غير مذعن له؛ لاستقباحه إياه وتفضيل غيره من أوضاع البشرعليه، فهو كافر قطعا.
ومن لم يحكم به؛ لعلة أخرى، فهو ظالم، إن كان في ذلك إضاعة حق أو ترك العدل والمساواة فيه، وإلا فهو فاسق فقط؛ إذ لفظ الفسق أعم هذه الألفاظ، فكل كافر وظالم فاسق، ولا عكس"[46].
28- يقولالشيخ السعدي رحمة الله:
" فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفراً ينقل عن الملة، وذلك إذا اعتقد حله وجوازه، وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعمال الكفر،
قد استحق من فعله العذاب الشديد. قال ابن عباس كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق). فهو ظلم أكبر عند استحلاله، وعظيمة كبيرة عند فعله غير مستحل له"[47].
29- قال الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمة الله:
" و إنما يحرم التحكيم إذا كان المستند إلى شريعةٍ باطلةٍ تخالف الكتاب
والسنة، كأحكام اليونان و الإفرنج والتتر، و قوانينهم، التي مصدرها آراؤهم
وأهواؤهم، و كذلك سوالف البادية وعاداتهم الجارية...فمن استحل الحكم بهذا، في الدماء أو غيرها، فهو كافر؛ قال تعالى
﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾...
وهذه الآية ذكر فيها بعض المفسرين: أن الكفر المراد هنا: كفر دون الكفر الأكبر؛ لأنهم فهموا أنها تتناول
من حكم بغير ما أنزل الله، وهوغير مستحلٍ لذلك، لكنهم لا ينازعون في عمومها للمستحل، وأن كفره مخرج عن الملة"[48].
| |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 9:00 pm | |
| 30- وقال الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم – رحمه الله تعالى -:
(من حكم بها ( يعني القوانين الوضعية ) أو حاكم إليها معتقداً صحة ذلك و جوازه، فهو كافر الكفر الناقل عن الملة،
وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه، فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة )[49].
31- أما العلامة عبد العزيز بن باز رحمة الله، ومعه علماء الأمة، فقد تلقوا كتاب فتنة التكفير للألباني-
بالقبول والاستحسان، ورأوا أنه يوافق ما استفاض عن علماء أهل السنة سلفاً
وخلفاً في كتب التفسير والعقيدة وغيرها، كما رأوا أنه يطفئ فتنة تكفير
الحكام، ومايترتب عليها من خروج على الأنظمة القائمة بالثورات والانقلابات.
وحكى الإمام ابن باز عن محدث العصر الإمام البحر الألباني – رحمه الله – مقرظا جوابه في هذه المسألة:
( وقد أوضح – وفقه الله – أن الكفر كفران: أكبر وأصغر، كما أن الظلم ظلمان وهكذا الفسق فسقان: أكبر وأصغر:
فمن استحلال الحكم بغير ما أنزل الله أو الزنا أو الربا، أو غيرها من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفرا أكبر، وظلم ظلما أكبر، وفسق فسقا أكبر.
ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفرا أصغر وظلمه ظلما أصغر وهكذا فسقه.....)[50].
*وعندما سئل الشيخ عن حكم من حكم بغير ما أنزل الله: قال:
من حكم بغير ما أنزل الله فلا يخرج عن أربعة أنواع:
1- من قال أنا أحكم بهذا لأنه أفضل من الشريعة الإسلامية فهو كافر كفرا أكبر.
2- ومن قال أنا أحكم بهذا لأنه مثل الشريعة الإسلامية، فالحكم بهذا جائز وبالشريعة جائز، فهو كافر كفرا أكبر.
3- ومن قال أنا أحكم بهذا، والحكم بالشريعة الإسلامية أفضل لكن الحكم بغير ما أنزل الله جائز. فهو كافر كفراأكبر.4-
ومن قال أنا أحكم بهذا، وهو يعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يجوز،
ويقول الحكم بالشريعة الإسلامية أفضل، ولا يجوز الحكم بغيرها، ولكنه متساهل أو يفعل هذا؛ لأمر صادر من حكامه،
فهو كافر كفرا أصغر لا يخرج من الملة، ويعتبر من أكبر الكبائر[51].
وسئل: هل يعتبر الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله كفارا، وإذا قلنا: إنهم مسلمون، فماذا نقول عن قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾؟
فقال: الحكام بغير ما أنزل الله أقسام، تختلف أحكامهم بحسب اعتقادهم وأعمالهم.
فمن حكم بغير ما أنزل الله، يرى أن ذلك أحسن من شرع الله، فهو كافر عند جميع المسلمين.
وهكذا من يحكّم القوانين الوضعية، بدلا من شرع الله ويرى أن ذلك جائز.
ولو قال: إن تحكيم الشريعة أفضل فهو كافر؛ لكونه استحل ما حرم الله.
أما من حكم بغير ما أنزل الله؛ اتباعا للهوى أو لرشوة أو لعداوة بينه وبين
المحكوم عليه، أو لأسباب أخرى،وهو يعلم أنه عاص لله بذلك، وأن الواجب عليه
تحكيم شرع الله، فهذا يعتبر من أهل المعاصي والكبائر، ويعتبر قد أتى كفرا أصغر وظلما وفسقا أصغر، كما جاء هذا المعنى عن ابن عباس،
رضي الله عنهما، وعن طاووس وجماعة من السلف الصالح. وهو المعروف عند أهل العلم، والله ولي التوفيق[52].
وقال أيضا – رحمه الله -:
( فمن حكم بغير ما أنزل الله مستبيحا لذلك كفر. فمن استباح الزنا يكفر واستباح اللواط يكفر: قال إنه حلال، أو قال إن الصلاة
لا تجب أو صيام رمضان لا يجب، يكون كافرا بجحده ما أوجب الله أو استحلال ما حرم الله. هكذا إذا
استحل الحكم بغير ما أنزل الله، وأنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله يكون كافرا. أما لو حكم بغيراستحلال، حكم بغير ما أنزل الله؛ إما لشهوة لهوى
أو لرشوة، فهذا يكون معصية، كفرا أصغر كما قال ابن عباس والسلف)[53].
* الفتوى البازية في تحكيم القوانين الوضعية –كما سماها د. خالد العنبري-:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد. فقد اطلعت على الجواب المفيد الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني-
قلتٌ: وقد طبع في رسالة لطيفة شهيرة بعنوان: فتنة التكفير- وفقه الله، المنشور في صحيفة
"المسلمون"، الذي أجاب به فضيلته من سأله عن: " تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل ".
فألفيتها كلمة قيمة أصاب فيها الحق، وسلك فيها سبيل المؤمنين، وأوضح،وفقه
الله، أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يُكَفّرَ من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل، من دون أن يعلم أنه
استحل ذلك بقلبه، واحتج بما جاء في ذلك عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وعن غيره من سلف الأمة.
ولاشك أن ما ذكره في جوابه في تفسير قوله تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }، و
{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون }، و: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون }، وهو الصواب.
وقد أوضح أن الكفر كفران: أكبر وأصغر، كما أن الظلم ظلمان، وهكذا الفسق فسقان: أكبروأصغر.
فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله، أو الزنا، أو الربا، أو غيرها من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفراً أكبر، وظلم ظلماً أكبر، وفسق فسقاً أكبر:
ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفراً أصغر، وظلمه ظلماً أصغر، وهكذا فسقه، لقول النبي صلى اله عليه وسلم، في حديث ابن مسعود رضي الله عنه:
[ سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ]. أراد بهذا صلى الله عليه وسلم، الفسق الأصغر، والكفر الأصغر، وأطلق العبارة تنفيراً من هذا العمل المنكر.
وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: اثنتان في الناس هما بهما كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت] أخرجه مسلم في صحيحه،
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ] أخرجه البخاري ومسلم من حديث جرير رضي الله عنه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
فالواجب على كل مسلم، ولاسيما أهل العلم، التثبت في الأمور، والحكم فيها
على ضوء الكتاب والسنة، وطريق سلف الأمة والحذر من السبيل الوخيم الذي سلكه
الكثير من الناس لإطلاق الأحكام وعدم التفصيل. وعلى أهل العلم أن يعتنوا
بالدعوة إلى الله سبحانه بالتفصيل، وإيضاح الإسلام للناس بأدلته من الكتاب
والسنة، وترغيبهم في الاستقامة عليه، والتواصي والنصح في ذلك مع الترهيب من
كل ما يخالف أحكام الإسلام.
وبذلك يكونون قد سلكوا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلك خلفائه الراشدين وصحابته المرضيين في إيضاح سبيل الحق، والإرشاد إليه،
والتحذير مما يخالفه عملاً بقول الله سبحانه: { ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين }.
وقوله عز وجل: { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين }.
وقوله سبحانه: { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن }.وقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من دل على خير فله مثل أجر فاعله" (مسلم 1893)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من
دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم
شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك
من آثامهم شيئاً" (ابن ماجه 206). وقول النبي صلى الله عليه وسلم، لعلي، رضي الله عنه، لما بعثه إلى اليهود في خيبر: "
ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌلك من حمر النعم". (فهرس أبو داود 3661) متفق على صحته.
وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم، في مكة ثلاث
عشرة سنة يدعو الناس إلى توحيد الله، والدخول في الإسلام بالنصح والحكمة
والصبر والأسلوب الحسن، حتى هدى الله على يديه، وعلى يد أصحابه،من سبقت له
السعادة، ثم هاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام، واستمر
في دعوته إلى الله سبحانه، هو وأصحابه رضي الله عنهم، بالحكمة والموعظة
الحسنة، والصبر والجدال بالتي هي أحسن، حتى شرع الله له الجهاد بالسيف
للكفار، فقام بذلك،عليه الصلاة والسلام، هو وأصحابه،رضي الله عنهم،أكمل
قيام، فأيدهم الله ونصرهم وجعل لهم العاقبة الحميدة.
وهكذا يكون النصر وحسن العاقبة لمن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم إلى يوم
القيامة، والله المسؤول أن يجعلنا، وسائر إخواننا في الله، من أتباعهم
بإحسان، وأن يرزقنا،وجميع إخواننا الدعاة إلى الله، البصيرة النافذة والعمل
الصالح، والصبر على الحق حتى نلقاه سبحانه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم، على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين". انتهت الفتوى البازية.
وتالله، ما أجمل هذا الكلام من إمام مجدد، يؤيد فيه قول إمام مجدد، أخ له، وينصره ما إمام مجدد آخر، هو
العلامة ابن عثيمين، رحمهم الله جميعا، وأجزل لهما المثوبة والرحمة.
** وسئل أيضاً – رحمه الله -: ما حكم القوانين الوضعية ؟ وهل يجوز العمل بها؟ وهل يكفر الحاكم بسنه لهذه القوانين؟
الجواب: ( إذا كان القانون يوافق الشرع فلا باس، إذا سن قانوناً في شأن
الطريق في شأن الشوارع، في غير ذلك من الأشياء التي تنفع الناس وليس فيها
مخالفة للشرع، ولكن لتنفيذ الأمور فلا بأس بها. أما القوانين التي تخالف
الشرع فلا، إذا سن قانوناً معناه أنه لا حد على الزاني، ولا حد على السارق،
ولا حد على شارب الخمر، فهذا باطل، وهذه القوانين باطلة، وإذا استحلها الوالي كفر، إذا قال إنها حلال، ولا بأس بها، فهذا يكون كفراً، من استحل ماحرم الله كفر).
* وسئل السؤال التالي كذلك:
كثير من المسلمين يتساهلون في الحكم بغير شريعة الله،
والبعض يعتقد أن ذلك التساهل لا يؤثر في تمسكه بالإسلام، والبعض الآخر
يستحل الحكم بغير ما أنزل الله، ولا يبالي بما يترتب على ذلك، فما هو الحق
في ذلك؟
فقال:الجواب: " هذا فيه تفصيل: وهو أن يقال: من حكم بغير ما أنزل الله، وهو
يعلم أنه يجب عليه الحكم بما انزل الله، وأنه خالف الشرع، ولكن استباح
هذاالأمر، ورأى أنه لا حرج عليه في ذلك، وأنه يجوز له أن يحكم بغير شريعة
الله، فهو كافر كفراً أكبر، عند جميع العلماء؛ كالحكم بالقوانين
الوضعية،التي وضعها الرجال، من النصارى أو اليهود أوغيرهم، ممن زعم أنه
يجوزالحكم بها، أو زعم أنها أفضل من حكم الله، أو زعم أنها تساوي حكم الله
وأن الإنسان مخير: إن شاء حكم بالقرآن والسنة، وان شاء حكم بالقوانين
الوضعية، من اعتقد هذا كفر بإجماع العلماء، كما تقدم.
أما من حكم بغير ما أنزل الله؛ لهوى أو لحظ عاجل، وهو يعلم أنه عاص لله
ورسوله، وأنه فعل منكراً عظيماً، وأن الواجب عليه الحكم بشرع الله، فإنه لا يكفر بذلك الكفر الأكبر،
لكنه قد أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة وكفراً أصغر، كما قال: ذلك ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أهل العلم،
وقد ارتكب بذلك كفراً دون كفر، وظلماً دون ظلم، وفسقاً دون فسق، وليس هو الكفر الأكبر، وهذا قول أهل السنة والجماعة ).
* وسئل أيضاً – رحمه الله -: عن تبديل القوانين، وهل يعتبر كفراً مخرجاً من الملة؟
فأجاب الشيخ ابن باز عن ذلك بقوله:
إذا استباحها يعتبر كافراً كفراً أكبر، أما إذا فعل ذلك لأسباب خاصة، من أجل الرشوة، أو من أجل إرضاء أشخاص، ويعلم أنها محرمة فإنه يكفر كفراً دون كفر،
أما إذا فعلها مستبيحاً يكون كفراً أكبر، أي إذا استحل الحكم بقانون بغيرالشريعة، فإنه يكون كافراً.
أما إذا فعلها لأسباب مثل: الرشوة، أو العداوة، أو من أجل إرضاء بعض الناس،
وما أشبه ذلك، فإن ذلك يكون كفراً دون كفر، وهذا الحكم يشتمل جميع الصور، وسواء التبديل وغير التبديل. ويجب على ولي الأمر أن يمنع ذلك وأن يحكم بشرع الله.
**وسئل أيضاً،رحمه الله: عن الذي يصف أهل السنة، الذين لا يكفرون بالذنب أنهم مرجئة، ما هو الموقف منه؟
فأجاب الشيخ أن المرجئة هم الذين يرون من لا يصلي، ولا يزكي، ولم يصم، كامل
الإيمان، أما أهل السنة والجماعة فيقولون من ترك الزكاة عاص، وناقص
الإيمان، وكذلك من لم يصم، ومن لم يحج وهو يستطيع ناقص الإيمان، ومن زنى
ناقص الإيمان، ولكن لا يكفر كما تقول الخوارج، ولا يكون مخلداً في النار
كما قالت المعتزلة، ولكنه على خطر عظيم ومعرض للوعيد، فمنهم من يدخل النار
بذنوبه، ثم يشفع فيه يوم الشفعاء، ولا يخلد في النار إلا الكفرة الذين
أشركوا بالله، أو استحلوا محارمه.
أما الزاني فلا يكون مخلداً في النار، ولو مات على زناه، وكذلك شارب الخمر
لا يخلد، كذلك عاق الوالدين إذا دخل النار لا يخلد، والنبي،صلى الله عليه
وسلم، يشفع عدة شفاعات في العصاة، ويخرجهم الله من النار بغير شفاعة بعدما
يحترقون، ثم يأذن الله لهم في دخول الجنة، ولا يبقى في النار إلا الكفرة،
فهم المخلدون فيها أبد الآبدين، أما العصاة فلا، وهذا قول أهل السنة، وليس
قول المرجئة.
ثم سئل الشيخ عن الرد على من يقول أن هذا قول المرجئة، ماذا نرد عليه؟
فقال: نقول له: إنك لا تعرف قول أهل السنة، ويراجع كلام شيخ الإسلام ابن
تيمية، وكلام الأشعري في المقالات وغيرهم من أهل السنة، وكذلك فتح المجيد
ويراجع شرح الطحاوية، ويراجع كتاب التوحيد حتى يعرف كلام أهل السنة.
** وسئل أيضاً – رحمه الله -: هناك فتوى للشيخ محمد ابن
إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله – يستدل بها أصحاب التكفير هؤلاء على أن
الشيخ لا يفرق بين من حكم بغير شرع الله عز وجل مستحلاً، ومن ليس كذلك، كما
هو التفريق المعروف عند العلماء؟
الشيخ ابن باز: هذا الأمرمستقر عند العلماء، كما قدمت أن من استحل ذلك فقد كفر، أما من لم يستحل ذلك، كأن يحكم بالرشوة ونحوها؛
فهذا كفر دون كفر، أما إذا قامت دولة إسلامية لديها القدرة فعليها أن تجاهد من لا يحكم بما أنزل الله حتى تلزمه بذلك.
ثم سئل: وهم يستدلون بفتوى الشيخ إبراهيم؟
الشيخ ابن باز: محمد ابن إبراهيم ليس بمعصوم فهو
عالم من العلماء، يخطئ ويصيب وليس بنبي ولا رسول، وكذلك شيخ الإسلام ابن
تيمية وابن القيم وابن كثير، وغيرهم من العلماء كلهم يخطئ ويصيب، ويؤخذ من
قولهم ما وافق الحق، وما خالف الحق يرد على فاعله. | |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 9:02 pm | |
| ** ويقول الشيخ خالد العنبري: هذا شريط: " الدمعة البازية " الذي تضمن تسجيلاً لمجلس علمي تحدث فيه وتناقش-
تجلية للموضوع، وطلبا للعلم- مجموعة من الدعاة ذائعي الصيت، مع الإمام ابن باز، في
مسألة الحكم بغير ما أنزل الله؛ ليقول بالتكفير المطلق، بدون تفصيل،
فكانوا يحاورنه فيه محاورة شديدة - تجلية للموضوع- تشبه المحاصرة. وأُتي
الشيخ من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فكان، رحمه الله، ثابتاً
راسخاً كالطود الأشم لا يتزعزع ولا يجزع ولا يلين ولا يأبه لما قالوه أو
نطقوا به، فكان يؤكد بأن الحكم بغير ما أنزل الله: لو بدل، أو وضع القوانين
العامة لا يكفر، ما لم يكن ثمّت استحلال ظاهر معين، وكان يقول: "وخلاف هذا مذهب المبتدعة الخوارج".
فرحمه الله رحمة واسعة. إليك نص ما دار- فهذا نادر جدا- في الشريط، مما يتعلق بموضوعنا..
كان النقاش حول حكم تارك الصلاة، فقال الشيخ ابن جبرين: في التفسير عن ابن عباس،
في قوله تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ كفر دون كفر.
فقال الشيخ ابن باز: إذا لم يستحله، يعني حكم بالرشوة، أو على عدوه، أو لصديقه يكون كفرا دون كفر. أما إذا استحل الحكم،
إذا استحل ترك الشرع يكون كافرا، إذا استحله كفر، لكن لو حكم بالرشوة، ما يكون كافرا كفرا أكبر، يكون كفرا دون كفر، مثل ما قال ابن عباس ومجاهد وغيره، رحمهم الله.
قال أحد الحاضرين: هوالإشكال الكبير في هذا المقام ـ عفا الله عنك ـ مسألة تبديل الأحكام الشرعية بقوانين …
فقاطعه الشيخ ابن باز بقوله: هذا محل البحث، إذا فعلها مستحلا…
فقاطعه السائل نفسه بقوله: وقد يدعي أنه غير مستحل؟
فقال ابن باز - رحمه الله-: إذا فعلها مستحلا لها يكفر، وإذا فعلها لتأويل لإرضاء قومه، أو لكذا وكذا يكون كفرا دون كفر،
ولكن يجب على المسلمين قتاله، إذا كان عندهم قوة حتى يلتزم، من غيّر دين الله بالزكاة أو غيرها يقاتل حتى يلتزم.
فقال السائل نفسه: بدّل الحدود، بدّل حد الزنا وكذا وكذا.
فقال ابن باز: يعني ما أقام الحدود، عزره بدل القتل عزره.
فقال ابن جبرين: أو الحبس.
فقال ابن باز: أو الحبس.
وقال السائل: وضع مواد ـ عفا الله عنك ـ .
فقال ابن باز: الأصل عدم الكفر حتى يستحل، يكون عاصيا وأتى كبيرة ويستحق العقاب، كفر دون كفر حتى يستحل.
فقال السائل: حتى يستحل؟!! الاستحلال في قلبه، ماندري عنه؟
فقال ابن باز: هذا هو، إذا ادعى ذلك، إذا ادعى أنه يستحله.
فقال ابن جبرين: إذا أباح الزنا برضى الطرفين …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: كذلك هذا كفر.
فأكمل الشيخ ابن جبرين كلامه بقوله: المرأة حرة في نفسها؛ فلها أن تبذل نفسها؟
فقال ابن باز: إذا أحلوا ذلك بالرضا فهو كفر.
فقال سلمان العودة: لو حكم ـ حفظكم الله ـ
بشريعة منسوخة كـاليهودية مثلا، وفرضها على الناس وجعلها قانونا عاما،
وعاقب من رفضه بالسجن والقتل والتطريد، وما أشبه ذلك؟
فقال الشيخ ابن باز: ينسبه إلى الشرع ولا لا - يعني أو لا-؟
فقال الشيخ سلمان العودة: حكم بها من غير أن يتكلم بذلك، جعلها يعني بديل؟
فقال الشيخ ابن باز: أما إذا نسبها إلى الشرع فيكون كفرا.
فقال الشيخ سلمان: كفراأكبر أو أصغر؟
فقال الشيخ ابن باز: أكبر، إذا نسبها إلى الشريعة، أما
إذا ما نسبها إلى الشريعة، بس مجرد قانون وضعه، لا، مثل الذي يجلد الناس
بغير الحكم الشرعي، يجلد الناس لهواه، أو يقتلهم لهواه، قد يقتل بعض الناس
لهواه وغلبه.
فقال سلمان: ما يفرق ـ حفظكم الله ـ بين الحالة الخاصة في نازلة، أو قضية معينة، وبين كونه يضعه قانوناعاما للناس كلهم؟
فقال ابن باز: أما إذا كان نسبه إلى الشرع يكفر. وأما إذا ما نسبه إلى الشرع، يرى أنه قانون يصلح بين الناس، ما هو بشرعي،
ما هو عن الله ولا عن رسوله يكون جريمة، ولكن لا يكون كفرا أكبر، فيما أعتقد.فقال سلمان العودة: ابن كثير ـ
فضيلة الشيخ ـ نقل في البداية والنهاية الإجماع على كفره كفرا أكبر.
فقال ابن باز: لعله إذا نسبه إلى الشرع.
فقال الشيخ سلمان: لا، قال من حكم بغير شريعة الله من الشرائع المنزلة المنسوخة فهو كافر، فكيف من حكم بغيرذلك من أراء البشر، لاشك أنه مرتد …
فقال ابن باز: ولو، ولو، ابن كثير ما هو معصوم، يحتاج تأمل، قد يغلط هو وغيره، وما أكثر من يحكي الإجماع.
فقال الشيخ ابن جبرين: هم يجعلونه بدل الشرع، ويقولون هو أحسن وأولى بالناس، وأنسب لهم من الأحكام الشرعية.
فقال الشيخ ابن باز: هذا كفر مستقل، إذا قال إن هذا الشيء أحسن من الشرع، أو مثل الشرع، أو جائز الحكم بغير ما أنزل الله، يكون كفرا أكبر.
فقال أحد الحاضرين: الذين يكفرون النظام ويقولون: لا يكفر الأشخاص، يعني يفرقون في أطروحاتهم، يقولون: النظام كافر لكن ما نكفر الأشخاص؟
فقال الشيخ ابن باز: إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله كفر، ولو هو شخص، يعين، يكفر بنفسه، يقال فلان كافر، إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله، أو
استحل الزنا يكفر بعينه، مثل ماهو كفر، مثل ما كفر الصحابة بأعيانهم الناس
الذين تركوا. مسيلمة يكفر بعينه، طليحة قبل أن يتوب يكفر بعينه، وهكذا من
استهزأ بالدين يكفر بعينه، كل من وجد منه ناقض يكفر بعينه، أما القتل شيء
آخر، يعني القتل يحتاج استتابة.
فقال أحد الحضور: لكن إذانسبه إلى الشرع، ألا يحكم بأنه من الكذابين؟
فقال الشيخ ابن باز: من الكذابين.
فقال السائل: لكن دون الكفر.
فقال الشيخ ابن باز: إي نعم. أما إذا قال: لا، أنا أقول إنه مثل الشرع، أو أحسن من الشرع، فهو كفر، أما إذا كان رأى بدعة، فأهل البدعة معروف حكمهم.
فقال الشيخ عائض القرني: طيب يا شيخ بعضهم يقول: إن عمر ترك الحدود في المجاعة عام الرمادة؟
فقال ابن باز: هذا اجتهاد له وجه، لأنه قد يضطر الإنسان إلى أخذ الشيء سرقة للضرورة.
فقال سلمان العودة: ـ حفظكم الله ـ الدليل على كون الكفر المذكور في القرآن أصغر ( فأولئك هم الكافرون ) أقول: ماهو الصارف، مع أنها جاءت بصيغة الحصر؟
فقال ابن باز: هو محمول على الاستحلال على الأصح، وإن حمل على غير الاستحلال فمثل ما قال ابن عباس يحمل على كفر دون كفر، وإلا فالأصل هم الكافرون.
فقال أحد المناقشين: ما فيه دليل ابن عباس، ما فيه أنه ما استحل ……
فتدخل سلمان قائلا: نعم يعني ما الذي جعلنا نصرف النص عن ظاهره؟
فقال ابن باز: لأنه مستحل
له، وذلك في الكفار الذين حكموا بغير ما أنزل الله، حكموا بحل الميتة،
حكموا بأشباهه، أما لو حكم زيد أو عمر برشوة نقول كفر؟!! ما يكفر بهذا، أو
حكم بقتل زيد بغير حق لهواه ما يكفر بذلك.
ثم قال ابن باز بعد سكوت يسير: على القاعدة، التحليل والتحريم له شأن، مثل الزاني هل يكفر؟
فقال الشيخ سلمان: ما يكفر.
فقال الشيخ ابن باز: وإذاقال حلال؟
فقال الشيخ سلمان: يكفر.
فقال ابن باز: هذا هو.
فقال سلمان وآخر معه في نفس الوقت قالا: يكفر ولو لم يزنِ.
فقال الشيخ ابن باز: ولومازنا.
فقال الشيخ سلمان: نرجع سماحة الوالد للنص ( ومن لم يحكم بما أنزل الله ) فعلق الحكم بترك الحكم؟
فقال ابن باز: الحكم بما أنزل الله يعني مستحلا له، يحمل على هذا.
فقال سلمان العودة: القيدهذا من أين جاء؟
فقال الشيخ ابن باز- رحمه الله-: من الأدلة الأخرى الدالة عليه، التي دلت أن المعاصي لا يكفر صاحبها، إذا لم يستحل ما صار كافرا.
ثم سؤال من شخص آخر غير واضح.
فقال ابن باز: فاسق وظالم وكافر هذا إذا كان مستحلا له، أويرى
أنه ما هو مناسب، أو يرى الحكم بغيره أولى، المقصود أنه محمول على
المستحل، أو الذي يرى بعد ذا أنه فوق الاستحلال يراه أحسن من حكم الله، أما
إذا كان حكم بغير ما أنزل الله لهواه، يكون عاصيا، مثل من زنا لهواه, لا
لاستحلال، عق والديه للهوى، قتل للهوى يكون عاصيا، أما إذا قتل مستحلا، عصى والديه مستحلا لعقوقهما، زنا مستحلا: كفر، وبهذا نخرج عن الخوارج،
نباين الخوارج يكون بيننا وبين الخوارج حينئذ متسع ولا- بتشديد اللام
بمعنى أو- وقعنا فيما وقعت فيه الخوارج، وهو الذي شبه على الخوارج هذا،
الإطلاقات هذه.
فقال سلمان: يعني المسألة قد تكون مشكلة عند كثير من الإخوان، فلا بأس لو أخذنا بعض الوقت.
فقال ابن باز: لا، مهمة مهمة، عظيمة.
فقال سلمان: ذكرتم مسألة تكفير العاصي وفاعل الكبيرة، هذا ليس موضع خلاف.
فقال الشيخ ابن باز: لا، ما هي المسألة مسألة الخوارج، هو علة الخوارج،الإطلاقات هذه، تركوا المقيدات وأخذواالمطلقات وكفروا الناس،
وقال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، يمرقون من الإسلام، ثم لا يعودون إليه.
فقال سلمان: الزاني والسارق، سماحة الشيخ …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: هم كفار عند الخوارج.
فقال سلمان: عند الخوارج، لكن أهل السنة متفقون على أن هؤلاء عصاة.
فقال الشيخ ابن باز: ما لم يستحلوا.
فأكمل الشيخ سلمان كلامه بقوله: لا يخرجون من الإسلام …
فكرر الشيخ ابن باز قوله: ما لم يستحلوا.
فقال سلمان: ما لم يستحلوا:نعم. إنما هو يرون أن
هناك فرقا بين من يفعل المعصية فنحكم بأنه مسلم فاسق أو ناقص الإيمان،
وبين من يجعل المعصية قانونا ملزما للناس؛ لأنه ـ يقولون ـ لا يتصور من
كونه أبعد الشريعة مثلا وأقصاها وجعل بدلها قانونا ملزما ـ ولو قال إنه لا
يستحله ـ لايتصور إلا أنه إما أنه يستحله، أو يرى أنه أفضل للناس، أو ما
أشبه ذلك، وأنه يفارق الذي حكم في قضية خاصة لقرابة أو لرشوة؟
فقال الشيخ ابن باز: بس قاعدة، قاعدة: لا زم الحكم ليس بحكم، لازم الحكم ليس بحكم، قد
يقال في الذي حكم لهواه أو لقريبه: أنه مستحل يلزمه ذلك وليش يسأل، ما هو
بلازم الحكم حكم، هذا فيما بينه وبين الله، أما بينه وبين الناس، يجب على
المسلمين إذا كان دولة مسلمة قوية تستطيع أن تقاتل هذا، ليش ما يحكم بما
أنزل الله، يقاتل قتال المرتدين إذا دافع، مثل ما يقاتل مانعي الزكاة إذا
دافع عنها وقاتل يقاتل قتال المرتدين؛ لأن دفاعه عن الحكم بغير ما أنزل
الله مثل دفاعه عن الزكاة وعدم إخراج الزكاة، بل أكبر وأعظم، يكون كافرا،
صرح به الشيخ تقي الدين، رحمه الله، في هذا، قال قتاله يكون قتال
المرتدين،لا قتال العصاة إذا دافعوا عن باطلهم، ذكره، رحمه الله،في، أظن
كتاب السياسة، لا، ما هو في السياسة، غير هذا، قال عنه فتح المجيد أظنه في باب …
فتدخل سلمان قائلا: في الفتاوى في كلامه في التتر.
فقال الشيخ ابن باز: يمكن
في التتر، ذكر هذا، رحمه الله، أن قتالهم ليس مثل قتال العصاة بل قتال
المرتدين؛ لأن دفاعهم عن المعصية، مثل دفاع مانعي الزكاة، في عهد الصديق
سواء سواء.
فقال الشيخ سلمان: حفظكم الله ـ الآن بالنسبة لمانع الزكاة، إذا قاتل عليها، قلنا إنه يقاتل قتال كفر …
فقاطعة الشيخ ابن باز بقوله: لا شك، لا شك.
فأكمل الشيخ سلمان كلامه: لأن امتناعه، امتناعه وقتاله على ذلك …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: هو …… o]كلمة لم أعرفها ] دفاع من يحكم بغير ما أنزل …
فأكمل الشيخ سلمان كلامه بقوله: دليل على جحده للوجوب …
فقال الشيخ ابن باز مقاطعا سلمان: إذا دافع عن الحكم بغير ما أنزل الله، وقال ما أرجع، فهو دفاع المستحل، يكون كافرا.
فقال أحد الحضور: هؤلاء مقطوع بأنهم سيستميتون …
فقال الشيخ ابن باز: إذاوقع، إذا وقع كفروا، إذا وقع، قيل له ماحكموا بما أنزل الله، وإلا قاتلناكم وأبوا يكفرون، هذا الظن فيهم.
فقال السائل نفسه: هذا الظن فيهم.
فقال الشيخ ابن باز: لا
شك، الظن فيهم هو هذا، لكن بس الحكم بغير الظن، والظن في حكام مصر وغيرها ـ
الله لايبلانا ـ هو الظن فيهم الشر والكفر، لكن بس يتورع الإنسان عن قوله
كافر، إلا إذا عرف أنه استحله، نسأل الله العافية.
ثم قال الشيخ ابن باز: ما أدري عندك أسئلة ولا خلاص.
فقال الشيخ الطريري: نحن ننتظر الأذن لنا.
فقال ابن باز: لا بأس. ثم
قال: البحث هذا ما يمنع البحث الآخر، البحث هذا، كل واحد يجتهد في البحث،
قد يجد ما يطمئن له قلبه، لأنها مسائل خطيرة، ما هي بسهلة، مسائل مهمة.
فقال الشيخ سلمان: ترون أن هذه المسألة ـ سماحتكم ـ يعني اجتهادية؟
فقال الشيخ ابن باز: والله
أنا هذا الذي اعتقده من النصوص، يعني من كلام أهل العلم فيما يتعلق في
الفرق بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة، خصوصا الخوارج، أن فعل المعصية
ليس بكفر،إلا إذا استحله أو دافع من دونها بالقتال.
فقال أحد الحضور: ـ سماحة الشيخ ـ أقول أحسن الله إليكم ـ إذا كوتبوا، وطولبوا بالشريعة، فلم يرجعوا، يحكم بكفرهم؟
فقال الشيخ ابن باز: إذا قاتلوا بس، أما إذا ما قاتلوا دونها لا.
فقال السائل: إذا طولبوا بهذا.
فقال ابن باز: إذا طلبت زيدا فقلت له زك فعيا يزكي o]يعني رفض يزكي ] عليك …… ]كلمة لم أعرفها والظاهر أنهابمعنى الإلزام ]
بالزكاة ولو بالضرب، أما إذا قاتل دونها يكفر.
فقال السائل: لكن الذي سيطالب ضعيف وقد يقاتل.
فقال ابن باز: ولو، ما
يكفر إلا بهذا، مادام أنه مجرد منع يعزر، وتؤخذ منه مع القدرة، ومع عدم
القدرة يقاتل إن كان للدولة القدرة على القتال تقاتله.
فقال السائل: لا، من طلب بالحكم بشرع الله فأبى؟
فقال ابن باز: يقاتل، فإن قاتل كفر، وإن لم يقاتل لم يكفر يكون حكمه حكم العصاة.
فقال الشيخ ابن جبرين: من الذي يقاتله؟
فقال ابن باز: الدولة المسلمة.
فقال أحد الحضور: وإذا مافيه دولة مسلمة؟
فقال ابن باز: يبقى على حاله بينه وبين الله.
فقال الشيخ ابن جبرين: بعض الدول متساهلين.
فقال الشيخ ابن باز: الله المستعان.
فقال الشيخ سلمان: سماحة الشيخ ـ الشيخ محمد ـ الله يرحمه ـ ابن إبراهيم في رسالته ذكر أن الدول التي
تحكم بالقانون دول كفرية يجب الهجرة منها.
فقال الشيخ ابن باز: لظهورالشر لظهور الكفر والمعاصي.
فقال الشيخ سلمان: الذين يحكمون بالقانون.
فقال الشيخ ابن باز:
شفت رسالته ـ الله يغفر له ـ بل يرى ظاهرهم الكفر؛ لأن وضعهم للقوانين
دليل على رضى واستحلال، هذا ظاهر رسالته، رحمه الله، لكن أنا عندي فيها
توقف، أنه ما يكفي هذا حتى يعرف أنه استحله، أما مجرد أنه حكم بغير ما أنزل الله، أو أمر بذلك، ما يكفر بذلك، مثل
الذي أمر بالحكم على فلان، أو قتل فلان، ما يكفر بذلك حتى يستحله، الحجاج
بن يوسف ما يكفر بذلك، ولو قتل ما قتل حتى يستحل؛ لأن لهم شبهة، وعبد الملك
بن مروان، ومعاوية وغيرهم، ما يكفرون بهذا لعدم الاستحلال، وقتل النفوس
أعظم من الزنا، وأعظم من الحكم بالرشوة.
فقال أحدهم: مجرد وجود الإنسان في بلاد كفر لا يلزمه الهجرة …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا: الهجرة فيها تفصيل، من أظهر دينه ما يلزمه، أو عجز ما يلزمه إلا المستضعفين.
فقال الشيخ ابن جبرين: فيه آثار عن الإمام أحمد يكفر من يقول بخلق القرآن.
فقال الشيخ ابن باز: هذامعروف، أهل السنة يكفرون من قال بخلق القرآن … الخ.
| |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 9:03 pm | |
| 32- يقول أسد السنة محدث العصر العلامة الألباني رحمه الله:
" وقد جاء عن السلف قولهم، في تفسير الآية:
"كفر دون كفر"، صحّ ذلك عن ترجمان القرآن، عبد الله بن عباس، رضي
الله عنه، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم. ولا بد من ذكر ما تيسر لي
عنهم؛ لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم، في هذه المسألة الخطيرة، ونحا نحو الخوارج الذين يكفّرون المسلمين بارتكابهم المعاصي-
وإن كانوا يصلّون ويصومون".ثم ساق،رحمهالله،بعض الآثار المتقدمة، وخرجها، وبين صحتها"[54].
ثم إن العلامة الألباني فصل الأمر تفصيلا، في كتيبه الرائع: "فتنة التكفير"، فقال:
" فإن مسألة التكفير عموماً – لا للحكام فقط؛ بل وللمحكومين أيضاً – هي
فتنة عظيمة قديمة، تبنتها فرقة من الفرق الإسلامية القديمة، وهي المعروفة
بـ (الخوارج)
ومع الأسف الشديد؛ فإن البعض، من الدعاة أو المتحمسين، قد يقع في الخروج عن الكتاب والسنة، ولكن باسم الكتاب والسنة.
والسبب في هذا يعود إلى أمرين اثنين:
أحدهما هو: ضحالة العلم.
والأمرالآخر – وهو مهم جداً -: أنهم لم يتفقهوا
بالقواعد الشرعية، والتي هي أساس الدعوة الإسلامية الصحيحة، التي يعد كل من
خرج عنها، من تلك الفرق المنحرفة عن الجماعة، التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
في غير ما حديث؛ بل والتي ذكرها ربنا عز وجل، وبيّن أن من خرج عنها، يكون قد شاق الله ورسوله، وذلك في قوله عز وجل:
{ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيراً } ( النساء115).
فإن الله – لأمر واضح عند أهل العلم – لم يقتصر على قوله { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى … نوله ما تولى …}
إنما أضاف إلى مشاقة الرسول اتباع غير سبيل المؤمنين، فقال:
{ ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيراً } ( النساء 115 ).
فمن اتبع سبيل المؤمنين: فهو النّاجي عند رب العالمين، ومن خالف سبيل
المؤمنين: فحسبه جهنم وبئس المصير. من هنا ضلت طوائف كثيرة جداً – قديماً
وحديثاً–؛ لأنهم لم يكتفوا بعدم التزام سبيل المؤمنين حَسْبُ، ولكن ركبوا عقولهم، واتبعوا أهواءهم في تفسير الكتاب والسنة،
ثم بنوا على ذلك نتائج خطيرة جداً، خرجوا بها عما كان عليه سلفنا الصالح، رضوان الله تعالى عليهم جميعاً.
وهذه الفقرة من الآية الكريمة: { ويتبع غيرسبيل المؤمنين} أكدها عليه الصلاة والسلام، تأكيداً بالغاً، في غير ما حديث نبوي صحيح.
وهذه الأحاديث – التي سأورد بعضاً منها – ليست مجهولة عند عامة المسلمين –
فضلاً عن خاصتهم – لكن المجهول فيها هو أنها تدل على ضرورة التزام سبيل
المؤمنين، في فهم الكتاب والسنة، ووجوب ذلك وتأكيده. وهذه النقطة يسهو عنها
– ويغفل عن ضرورتها ولزومها – كثير من الخاصة، فضلاً عن هؤلاء الذين عرفوا
بـ (جماعة التكفير)، أو بعض أنواع الجماعات التي تنسب نفسها للجهاد، وهي في حقيقتها من فلول التكفير.
فهؤلاء – وأولئك – قد يكونون في دواخل أنفسهم صالحين ومخلصين، ولكن هذا
وحده غير كاف؛ ليكون صاحبه عند الله، عز وجل، من الناجين المفلحين.
إذ لابد للمسلم أن يجمع بين أمرين اثنين:
•صدق الإخلاص في النية لله عز وجل.
• وحسن الاتباع لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
فلا يكفي – إذاً – أن يكون المسلم مخلصاً وجاداً فيما هو في صدده، من العمل
بالكتاب والسنة والدعوة إليهما، بل لا بد – بالإضافة إلى ذلك – من أن يكون
منهجه منهجاً سوياً سليماً، وصحيحاً مستقيماً. ولا يتم ذلك على وجهه إلا
باتباع ماكان عليه سلف الأمة الصالحون، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
• فمن الأحاديث المعروفة الثابتة التي تؤصل ما ذكرت – وقد أشرت إليها آنفاً- حديث الفرق الثلاث والسبعين، ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: "افترقت
اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة،
وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة". قالوا: من
هي يارسول الله؟ قال: ]لجماعة].
وفي رواية: " ما أنا عليه وأصحابي"[55].
فنجد أن جواب النبي صلى الله عليه وسلم، يلتقي تماماً مع الآية السابقة: {ويتبع غير سبيل المؤمنين}.
فأول ما يدخل في عموم الآية هم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم،
في هذا الحديث بقوله: " ما أنا عليه"، - مع أن ذلك قد يكون كافياً في الواقع للمسلم، الذي يفهم حقاً الكتاب والسنة،
ولكنه عليه الصلاة والسلام يطبق تطبيقاً عملياً قوله، سبحانه وتعالى، في حقه صلى الله عليه وسلم أنه: { بالمؤمنين رءوف رحيم } (التوبة 128).
فمن تمام رأفته وكمال رحمته بأصحابه وأتباعه ِأن أوضح لهم، صلوات الله وسلامه عليه، أن علامة الفرقة الناجية:
أن يكون أبناؤها وأصحابها على ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وعلى ما كان عليه أصحابه من بعده.
وعليه فلا يجوز أن يقتصرالمسلمون عامة، والدعاة خاصة في فهم الكتاب والسنة،
على الوسائل المعروفة للفهم؛ كمعرفة اللغة العربية، والناسخ والمنسوخ،
وغير ذلك؛ بل لا بد من أن يرجع قبل ذلك كله إلى ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم
– كما تبين من آثارهم ومن سيرتهم – أنهم كانوا أخلص لله عز وجل في
العبادة، وأفقه منّا في الكتاب والسنة، إلى غير ذلك من الخصال الحميدة،
التي تخلّقوا بها، وتأدبوا بآدابها.
• ويشبه هذا الحديث تماماً – من حيث ثمرته وفائدته – حديث الخلفاء الراشدين، المروي في السنن من حديث
العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه، قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
موعظة وَجِلَت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: كأنها موعظة مُودّع
فأوصنا يا رسول الله، قال: " أوصيكم بالسمع والطاعة، وإن ولي عليكم عبد
حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء
الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ…" وذكرالحديث.
والشاهد من هذا الحديث، هومعنى جوابه على السؤال السابق؛
إذ حض صلى الله عليه وسلم، أمته في أشخاص أصحابه أن يتمسكوا بسنته، ثم لم يقتصر على ذلك،بل قال:
" وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ".
فلا بد لنا – والحالة هذه – من أن ندندن دائماً وأبداً حول هذا الأصل
الأصيل؛ إذا أردنا أن نفهم عقيدتنا، وأننفهم عبادتنا، وأن نفهم أخلاقنا
وسلوكنا. ولا محيد عن العودة إلى منهج سلفنا الصالح لفهم كل هذه القضايا
الضرورية للمسلم، حتى يتحقق فيه – صدقاً – أنه من الفرقة الناجية. ومن هنا
ضلت طوائف قديمة وحديثة حين لم يتنبّهوا إلى مدلول الآية السابقة، وإلى
مغزى حديث سنة الخلفاء الراشدين، وكذا حديث افتراق الأمة، فكان أمراً
طبيعياً جداَ أن ينحرفوا كما انحرف من سبقهم عن كتاب الله، وسنة رسول صلى
الله عليه وسلم، ومنهج السلف الصالح.
ومن هؤلاء المنحرفين: الخوارج قدماء ومحدثين.
فان أصل فتنة التكفير في هذا الزمان، – بل منذ أزمان – هو آية يدندنون دائماً حولها؛ ألا وهي قوله تعالى:
﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾، فيأخذونها من غير فهوم عميقة، ويوردونها بلا معرفة دقيقة.
ونحن نعلم أن هذه الآية الكريمة قد تكررت وجاءت خاتمتها بألفاظ ثلاثة، وهي:
{ فأولئك هم الكافرون }، { فأولئكهم الظالمون }، { فأولئك هم الفاسقون }]المائدة 45- 47].
فمن تمام جَهْل الذين يحتجون بهذه الآية باللفظ الأول منها فقط: { فأولئك هم الكافرون }: أنهم لم يُلِمّواعلى الأقل ببعض النصوص الشرعية –
قرآناً أم سنة – التي جاء فيها ذكر لفظة (الكفر)،فأخذوها
– بغير نظر – على أنها تعني الخروج من الدين، وأنه لا فرق بين هذا الذي
وقع في الكفر، وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل
الأخرى، الخارجة عن ملة الإسلام.
بينما لفظة الكفر، في لغة الكتاب والسنة، لا تعني – دائماً – هذا الذي يدندنون حوله، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ المغلوط عليه.
فشأن لفظة { الكافرون }- من حيث المبحث إنها لا تدل على معنى واحد – هو ذاته شأن اللفظين الآخرين: { الظالمون } و{ الفاسقون }،
فكما أن من وُصف أنه ظالم أو فاسق لا يلزم بالضرورة ارتداده عن دينه، فكذلك من وُصف بأنه كافر؛ سواء بسواء.
وهذا التنوع في معنى اللفظ الواحد هو الذي تدل عليه
اللغة، ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب – لغة القرآن الكريم –. فمن أجل ذلك
كان الواجب على كل من يتصدى لإصدار الأحكام على المسلمين – سواءً كانوا
حكاماً أم محكومين- أن يكون على علم واسع بالكتاب والسنة، وعلى ضوء منهج
السلف الصالح.
والكتاب والسنة لا يمكن فهمهما – وكذلك ما تفرع عنهما – الا بطريق معرفة
اللغة العربية وآدابها معرفة دقيقة. فإن كان لدى طالب العلم نقص في معرفة
اللغة العربية، فإن مما يساعده في استدراك ذلك النقص الرجوع إلى فهم من
قبله من الأئمة والعلماء، وبخاصة أهل القرون الثلاثة، المشهود لهم
بالخيرية.
ولنرجع إلى الآية: فما المراد بالكفر فيها؟ هل هو الخروج عن الملة ؟ أو أنه غير ذلك؟
فأقول: لا بد من الدقة في فهم هذه الآية، فإنها قد تعني الكفر العملي؛ وهو الخروج بالأعمال عن بعض أحكام الإسلام.
ويساعدنا في هذا الفهم حبرالأمة وترجمان القرآن، عبدالله بن عباس رضي
الله عنهما؛ الذي أجمع المسلمون جميعاً – إلا من كان من تلك الفرق الضالة –
على أنه إمام فريد في التفسير. فكأنه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم
تماماً من أن هناك أناساً يفهمون هذه الآية فهماً سطحياً، من غير تفصيل،
فقال رضي الله عنه: " ليس الكفر الذي تذهبون إليه "، و: " إنه ليس كفراً ينقل عن الملة " و: " هو كفر دون كفر ".
ولعله يعني بذلك الخوارج، الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، ثم كان من عواقب ذلك أنهم
سفكوا دماء المؤمنين، وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين: فقال: ليس الأمر كما قالوا، أو كما ظنوا، وإنما هو كفر دون كفر.
هذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن، في تفسير هذه الآية، هوالحكم
الذي لا يمكن أن يُفهم سواه من النصوص، التي أشرت إليها قبل.
ثم إن كلمة (الكفر) ذُكرت في كثير من النصوص
القرآنية والحديثية، ولا يمكن أن تُحمل – فيها جميعاً – على أنها تساوي
الخروج من الملة، من ذلك مثلاً الحديث المعروف في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".(البخاري5584، ومسلم97). فالكفر هنا هوالمعصية،
التي هي الخروج عن الطاعة، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام – وهو أفصح الناس بياناً – بالغ في الزجر، قائلاً: … ]وقتاله كفر].
ومن ناحية أخرى، هل يمكن لنا أن نفسر الفقرة الأولى من هذا الحديث على معنى الفسق المذكور في اللفظ الثالث ضمن الآية السابقة: { فأولئك هم الفاسقون }؟
والجواب: أن
هذا قد يكون فسقاً مرادفاً للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملة، وقد يكون
الفسق مرادفاً للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملة، وإنما يعني ما قاله
ترجمان القرآن إنه كفر دون كفر. وهذا الحديث يؤكد أن الكفر قد يكون بهذا المعنى؛ وذلك لأن الله،عز وجل، قال: { وَإِن
طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا
فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله
}. إذ قد ذكر ربنا عز وجل هنا الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة المحقة
المؤمنة، ومع ذلك فلم يحكم على الباغية بالكفر، مع أن الحديث يقول: " وقتاله كفر".
إذاً فقتاله كفر دون كفر، كما قال ابن عباس، في تفسير الآية السابقة تماماً.
فقتال المسلم للمسلم بغي واعتداء، وفسق وكفر، ولكن هذا يعني أن الكفر قد يكون كفراً عملياً، وقد يكون كفراً اعتقادياً.
من هنا جاء هذا التفصيل الدقيق، الذي تولى بيانه وشرحه شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، وتولى ذلك من بعده
تلميذه البار ابن قيم الجوزية؛ إذ لهما الفضل في التنبيه والدندنة على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم، الذي
رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة، فابن تيمية، يرحمه الله، وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية:
يدندنان دائماً حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي، وإلا وقع المسلم، من
حيث لا يدري،في فتنة الخروج عن جماعة المسلمين، التي وقع فيها الخوارج قديماً وبعض أذنابهم حديثاً.
وخلاصة القول: إن قوله صلى الله عليه وسلم: " وقتاله كفر"
لا يعني – مطلقاً – الخروج عن الملة. والأحاديث في هذا كثيرة جداً، فهي –
جميعاً- حجة دامغة على أولئك، الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة،
ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي.
فحسبنا الآن هذا الحديث؛ لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر، بمعنى الكفر العملي، وليس الكفر الاعتقادي.
فإذا عدنا إلى (جماعةالتكفير)
– أو من تفرع عنهم –، وإطلاقهم على الحكام، – وعلى من يعيشون تحت رايتهم
بالأولى، وينتظمون تحت إمرتهم وتوظيفهم – الكفر والردة، فإن ذلك مبني على
وجهة نظرهم الفاسدة، القائمة على أن هؤلاء ارتكبوا المعاصي فكفروا بذلك.
ومن جملة الأمورالتي يفيد ذكرها وحكايتها: أنني التقيت مع بعض أولئك الذين
كانوا من (جماعةالتكفير)، ثم هداهم الله عز وجل، فقلت لهم:
ها أنتم كفرتم بعض الحكام، فما بالكم تكفرون أئمة المساجد، وخطباء المساجد،
ومؤذني المساجد، وخَدَمَةَ المساجد ؟ وما بالكم تكفرون أساتذة العلم
الشرعي في المدارس وغيرها ؟
قالوا: لأن هؤلاء رضوا بحكم هؤلاء الحكام، الذين يحكمون بغير ما أنزل الله.
فأقول: إذا كان هذا الرضى رضىً قلبياً بالحكم بغير ما أنزل الله، فحينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي.
فأي حاكم يحكم بغير ما أنزل الله، وهو يرى ويعتقد أن هذا هو الحكم اللائق
تبنيه في هذا العصر، وأنه لا يليق به تبنيه للحكم الشرعي المنصوص في الكتاب
والسنة، فلا شك أن هذا الحاكم يكون كفره كفراً اعتقادياً، وليس كفراً عملياً فقط، ومن رضي ارتضاءه واعتقاده: فإنه يلحق به.
ثم قلت لهم: فأنتم – أولاً – لا تستطيعون أن تحكموا على كل حاكم، يحكم
بالقوانين الغربية الكافرة – أو بكثير منها – أنه لو سئل عن الحكم بغير ما
أنزل الله ؟! لأجاب: بأن الحكم بهذه القوانين هو الحق والصالح في هذاالعصر،
وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام؛ لأنهم لو قالوا ذلك لصاروا كفاراً – حقاً –
دون شك ولا ريب.
فإذا انتقلنا إلى المحكومين – وفيهم العلماء والصالحون وغيرهم –، فكيف
تحكمون عليهم بالكفر بمجرد أنهم يعيشون تحت حكم يشملهم، كما يشملكم أنتم
تماماً ؟ ولكنكم تعلنون أن هؤلاء كفار مرتدون، والحكم بما أنزل الله هو
الواجب، ثم تقولون معتذرين لأنفسكم: إن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل لا
يستلزم الحكم على هذا العامل بأنه مرتد عن دينه!.
وهذا عين ما يقوله غيركم، سوى أنكم تزيدون عليهم – بغير حق – الحكم بالتكفير والردة.
ومن جملة المسائل التي توضح خطأهم وضلالهم، أن يقال لهم: متى يُحكم على المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله،
وأن محمداً رسول الله – وقد يكون يصلي – بأنه ارتد عن دينه ؟
أيكفي مرة واحدة؟
أو أنه يجب أن يعلن أنه مرتد عن الدين؟!.
إنهم لن يعرفوا جواباً، ولن يهتدوا صواباً، فنضطر إلى أن نضرب لهم المثل التالي، فنقول:
قاضِ يحكم بالشرع، هكذا عادته ونظامه، لكنه في حكومة واحدة زلَت به القدم
فحكم بخلاف الشرع، أي: أعطى الحق للظالم وحرمه المظلوم، فهذا – قطعاً – حكم
بغير ما أنزل الله؟ فهل تقولون بأنه: كَفَرَ كُفرَ ردة؟
سيقولون: لا؛ لأن هذا صدرمنه مرة واحدة.
فنقول: إن صدر نفس الحكم مرة ثانية، أو حكم آخر، وخالف الشرع أيضاً، فهل يكفر؟
ثم نكرر عليهم: ثلاث مرات،أربع مرات، متى تقولون: أنه كفر؟!
لن يستطيعوا وضع حد بتعداد أحكامه، التي خالف فيها الشرع، ثم لا يكفرونهبها.
في حين يستطيعون عكس ذلك تماماً، إذا عُلمَ منه أنه، في الحكم الأول،
استحسن الحكم بغير ما أنزل الله – مستحلاً له – واستقبح الحكم الشرعي،
فساعتئذ يكون الحكم عليه بالردة صحيحاً، ومن المرةالأولى.
وعلى العكس من ذلك: لو رأينا منه عشرات الحكومات،
في قضايا متعددة خالف فيها الشرع، وإذا سألناه: لماذا حكمت بغير ما أنزل
الله عز وجل؟ فرد قائلاً: خفت وخشيت على نفسي، أو ارتشيت مثلاً. فهذا أسوأ
من الأول بكثير، ومع ذلك، فإننا لا نستطيع أن نقول بكفره،
حتى يعرب عمّا في قلبه بأنه لا يرى الحكم بما أنزل الله عز وجل، فحينئذ فقط نستطيع أن نقول: إنه كافر كفرردة.
وخلاصة الكلام: لا بد من معرفة أن الكفر – كالفسق والظلم –، ينقسم إلى قسمين:
• كفر وفسق وظلم يخرج من الملة، وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي.• وآخر لا يخرج من الملة؛ يعود إلى الاستحلال العملي.
فكل المعاصي – وبخاصة ما فشا في هذا الزمان من استحلال عملي للرّبا، والزنى، وشرب الخمر، وغيرها، – هي من الكفر العملي، فلا
يجوز أن نكفر العصاة المتلبسين بشيء من المعاصي لمجرد ارتكابهم لها،
واستحلالهم إياها عملياً، إلا إذا ظهر – يقيناً – لنا منهم – يقيناً – ما
يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يُحَرّمُون ما حرم الله ورسوله
اعتقاداً؛ فإذاعرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ بأنهم
كفروا كفر ردة.
أما إذا لم نعلم ذلك، فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم؛ لأننا نخشى أن نقع تحت وعيد قوله عليه الصلاة والسلام: "
إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما ".
والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة جداً، أذكر منها حديثاً ذا دلالة
كبيرة، وهو في قصة ذلك الصحابي، الذي قاتل أحد المشركين، فلما رأى هذا
المُشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي، قال: أشهد أن لا إله إلا
الله، فما بالاها الصحابي فقتله، فلما بلغ خبره النبي صلى الله عليه وسلم، أنكر عليه ذلك أشد الإنكار، فاعتذر الصحابي بأن المشرك ما قالها إلا خوفاً من القتل،
وكان جوابه صلى الله عليه وسلم: " هلاّ شققت عن قلبه ؟!". أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.
إذاً الكفر الاعتقادي ليس له علاقة أساسية بمجرد العمل، إنما علاقته الكبرى بالقلب.
ونحن لا نستطيع أن نعلم مافي قلب الفاسق، والفاجر، والسارق، والزاني،
والمرابي … ومن شابههم، إلا إذا عبّرعما في قلبه بلسانه، أما عمله فيبنئ
أنه خالف الشرع مخالفة عملية. فنحن نقول: إنك خالفت، وإنك فسقت، وإنك فجرت،
لكن لا نقول: إنك كفرت، وارتددت عن دينك، حتى يظهرمنه شئ يكون لنا عذر عند
الله،عز وجل، في الحكم بردته، ثم يأتي الحكم المعروف في الإسلام عليه؛ ألا
وهو قوله عليه الصلاة والسلام: " من بدل دينه فاقتلوه ".
ثم قلت – وما أزال أقول – لهؤلاء الذين يدندنون حول تكفير حكام المسلمين:
هبوا أن هؤلاء الحكام كفار كفر ردة، وهبوا – أيضاً – أن هناك حاكماً أعلى
على هؤلاء، فالواجب – والحالة هذه – أن يطبق هذا الحاكم الأعلى فيهم الحد.
ولكن؛ الآن: ماذا تستفيدون أنتم من الناحية العملية إذا
سلّمنا – جدلاً – أن هؤلاء الحكام كفار كفر ردة ؟! ماذا يمكن أن تصنعوا
وتفعلوا ؟.
إذ قالوا: ولاء وبراء؛ فنقول: الولاء والبراء مرتبطان بالموالاة والمعاداة –
قلبية وعملية – وعلى حسب الاستطاعة، فلا يشترط لوجودهما إعلان التكفير وإشهار الردة.
بل إن الولاء والبراء قد يكونان في مبتدع، أو عاص، أو ظالم.
ثم أقول لهؤلاء: ها هم هؤلاء الكفار قد احتلوا
من بلاد الإسلام مواقع عدة، ونحن مع الأسف ابتلينا باحتلال اليهود لفلسطين.
فما الذي نستطيع نحن وأنتم فعله مع هؤلاء ؟! حتى تقفوا أنتم – وحدكم – ضد
أولئك الحكام، الذين تظنون أنهم من الكفار ؟!.
هلا تركتم هذه الناحية جانباً، وبدأتم بتأسيس القاعدة، التي على أساسها تقوم قائمة الحكومة المسلمة،
وذلك باتباع سنة رسول الله صلى اله عليه وسلم، التي ربى أصحابه عليها، ونَشّأهم على نظامها وأساسها.
نذكر هذا مراراً، ونؤكده تكراراً: لا بد لكل جماعة مسلمة من العمل بحق
لإعادة حكم الإسلام، ليس فقط على أرض الإسلام، بل على الأرض كلها، وذلك
تحقيقاً لقوله تبارك وتعالى: { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } (الصف:9).
وقد جاء في بعض بشائر الأحاديث النبوية أن هذه الآية ستتحقق فيما بعد. فلكي
يتمكن المسلمون من تحقيق هذا النص القرآني والوعد الإلهي، فلا بد من سبيل
بيّن وطريق واضح، فهل يكون ذلك الطريق بإعلان ثورة على هؤلاء الحكام، الذين
يظن هؤلاء أن كفرهم كفر ردة؟ ثم مع ظنهم هذا – وهو ظن غالط خاطئ – لا
يستطيعون أن يعملوا شيئاً.
إذاً؛ ما هو المنهج؟ وما هوالطريق؟
لا شك أن الطريق الصحيح هوما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدندن حوله، ويُذكّر أصحابه به في كل خطبة: " وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم".
فعلى المسلمين كافة – وبخاصة منهم من يهتم بإعادة الحكم الإسلامي – أن يبدؤوا من حيث بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وهو ما نوجزه نحن بكلمتين خفيفتين: (التصفية والتربية). ذلك لأننا نعلم حقائق ثابتة وراسخة يغفل عنها – أو يتغافل عنها –
أولئك الغلاة، الذين ليس لهم إلا إعلان تكفير الحكام، ثم لا شيء.
وسيظلون يعلنون تكفير الحكام، ثم لا يصدر منهم – أو عنهم – إلا الفتن والمحن !!.
والواقع في هذه السنوات الأخيرة على أيدي هؤلاء، بدءاً من فتنة الحرم
المكي، إلى فتنة مصر، وقتل السادات، وأخيراً في سوريا، ثم الآن في مصر
والجزائر – منظور لكل أحد –: هدر دماء من المسلمين الأبرياء بسبب هذه الفتن
والبلايا، وحصول كثير من المحن والرزايا. كل هذا بسبب مخالفة هؤلاء لكثير
من نصوص الكتاب والسنة، وأهمها قوله تعالى: { لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً } (الأحزاب:21).
إذا أردنا أن نقيم حكم الله في الأرض – حقاً لا ادعاء –، هل نبدأ بتكفير
الحكام، ونحن لا نستطيع مواجهتهم، فضلاً عن أن نقاتلهم ؟ أم نبدأ – وجوباً –
بما بدأ به الرسول عليه الصلاة والسلام ؟ لاشك أن الجواب: { لقد كان لكم في رسول الله،أسوةٌ حسنةٌ } ….
ولكن؛ بماذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
من المتيقن عند كل من اشتم رائحة العلم أنه صلى الله عليه وسلم، بدأ
بالدعوة بين الأفراد، الذين كان يظن فيهم الاستعداد لتقبل الحق، ثم استجاب
له من استجاب من أفراد الصحابة – كما هو معروف في السيرة النبوية –، ثم
وقع بعد ذلك التعذيب والشدة، التي أصابت المسلمين في مكة، ثم جاء الأمر
بالهجرة الأولى والثانية، حتى وطد الله عز وجل الإسلام في المدينة المنورة،
وبدأت هناك المناوشات والمواجهات، وبدأ القتال بين المسلمين وبين الكفار
من جهة، ثم اليهود من جهة أخرى … هكذا.
إذاً؛ لا بد أن نبدأ نحن بتعليم الناس الإسلام الحق، كما بدأ الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن؛
لا يجوز لنا الآن أن نقتصر على مجرد التعليم فقط؛ فلقد دخل في الإسلام ما
ليس منه، وما لا يمت إليه بصلة، من البدع والمحدثات، مما كان سبباً في تهدم
الصرح الإسلامي الشامخ. فلذلك كان الواجب على الدعاة أن يبدءوا بتصفية هذا
الإسلام مما دخلفيه.
هذا هو الأصل الأول: ( التصفية )
وأما الأصل الثاني: فهو أن يقترن مع هذه التصفية تربية الشباب المسلم الناشئ على هذا الإسلام المصفى.
ونحن إذا درسنا واقع الجماعات الإسلامية، القائمة منذ نحو قرابة قرن من
الزمان، وأفكارها وممارساتها، لوجدنا الكثير منهم لم يستفيدوا – أو يفيدوا –
شيئاً يذكر، برغم صياحهم وضجيجهم بأنهم يريدونها حكومة إسلامية، مما سبب
سفك دماء أبرياء كثيرين بهذه الحجة الواهية، دون أن يحققوا من ذلك شيئاً.
فلا نزال نسمع منهم العقائد المخالفة للكتاب والسنة، والأعمال المنافية
للكتاب والسنة، فضلاً عن تكرارهم تلك المحاولات الفاشلة المخالفة للشرع.
وختاماً أقول: هناك كلمة لأحد الدعاة– كنت أتمنى من أتباعه أن يلتزموها وأن يحققوها – وهي:
( أقيموا دولةالإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم )؛لأن المسلم إذا صحح عقيدته بناءً على الكتاب والسنة، فلا شك أنه بذلك ستصلح عبادته،
وستصلح أخلاقه، وسيصلح سلوكه …الخ.
لكن هذه الكلمة الطيبة – مع الأسف – لم يعمل بها هؤلاء الناس، فظلوا يصيحون
مطالبين بإقامة الدولة المسلمة …لكن دون جدوى، ولقد صدق فيهم – والله –
قول الشاعر:
ترجوالنجاة ولم تسلك مسالكها.... إن السفينة لا تجري على اليبس
لعل فيما ذكرت مقنعاً لكل منصف، ومنتهى لكل متعسف. والله المستعان".
| |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 9:04 pm | |
| 33- قال الشيخ فقيه الزمان العلامة محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله- في تعليقه على كتاب « التحذير من فتنة التكفير » (ص 68 -69):
« لكن لما كان هذا ]الأثر] لايرضي هؤلاء المفتونين بالتكفير؛ صاروا يقولون: هذا الأثر غير مقبول!ولا يصحّ عن ابن عباس! فيقال لهم:
كيف لا يصحّ؛ وقد تلقاه من هو أكبر منكم، وأفضل، وأعلم بالحديث ؟! وتقولون: لا نقبل.!!
ثم هب أن الأمر كما قلتم: إنه لا يصح عن ابن عباس؛ فلدينا نصوص أخرى تدلّ على أن الكفر قد يطلق ولا يراد به الكفر المخرج عن الملّة؛
كما في الآية المذكورة، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم:« اثنتان في الناسهما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت ».
وهذه لا تُخرج من الملّة بلا إشكال، لكن كما قيل: قلّة البضاعة من العلم، وقلّة فهم القواعد الشرعية العامة: هي التي توجب هذا الضلال.
ثم شيء آخر نضيفه إلى ذلك، وهو: سوء الإرادة التي تستلزم سوء الفهم؛ لأن الإنسان إذا كان يريد شيئاً؛ لزم من ذلك أن ينتقل فهمه إلى ما يريد، ثم يحرِّف النصوص على ذلك.
وكان من القواعد المعروفة عند العلماء أنهم يقولون: استدل ثم اعتقد، لا تعتقد ثم تستدل؛ فتضل. فالأسباب ثلاثة، هي:
الأول: قلّة البضاعة من العلم الشرعي.
الثاني: قلّة فقه القواعد الشرعية.
والثالث: سوء الفهم المبني على سوء الإرادة.
وأما بالنسبة لأثر ابن عباس؛ فيكفينا أن علماء جهابذة؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية،
وابن القيم- وغيرهما- كلهم تلقوه بالقبول ويتكلمون به، وينقلونه؛ فالأثر صحيح ».
*** وهذه فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله حول سؤال حول كفر حاكم الجزائر:
السائل: بالنسبة للحاكم الجزائري، يا شيخ الآن
الشباب، الذين طلعوا من السجون، أكثرهم لا زال فيهم بعض الدخن، حتى وإن
طلعوا من السجون، وعُفي عنهم، لكن لا زالوا يتكلمون في مسألة التكفير،
ومسألة تكفير الحاكم بالعين، وأن هذا الحاكم الذي في الجزائر، حاكم كافر
ولا بيعة له، ولا سمع ولا طاعة لا في معروف ولا منكر؛ لأنهم يكفرونهم،
ويجعلون الجزائر يا شيخ أرض كفر!!.
الشيخ: داركفر.
السائل: إي، دار كفر، نعم يا شيخ؛ لأنهم يقولون
إن القوانين التي فيها قوانين غربية ليست بقوانين إسلامية، فما نصيحتكم
أولا لهؤلاء الشباب ؟ وهل للحاكم الجزائري بيعة، علما يا شيخ بأنه يأتي
يعتمر ويظهر شعائر الإسلام؟.
الشيخ: يصلي أو لايصلي.
السائل: يصلي ياشيخ.
الشيخ: إذن هو مسلم.
السائل: وأتى واعتمر هنا من حوالي عشرين يوما، أو شهر، كان هنا في المملكة.
الشيخ: ما دام يصلي فهو مسلم، ولا يجوز تكفيره. ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن الخروج على الحكام، قال: "لا ما صلوا".
فلا يجوز الخروج عليه، ولا يجوز تكفيره. من كفره، فهذا بتكفيره يريد أن تعود المسألة جذعاً؛ فله بيعة، وهو حاكم شرعي.
أما موضوع القوانين، فالقوانين يجب قبول الحق الذي فيها؛ لأن قبول الحق
واجب على كل إنسان، حتى لو جاء بها أكفر الناس؛ فقد قال الله عز وجل: { وَإِذَا
فَعَلُواْفَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ
أَمَرَنَا بِهَا} فقالالله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ
بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (الأعراف) .
وسكت عن قولهم: { وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا }؛ لأنها حق. فإذا كان تعالى قبل كلمة الحق من المشركين، فهذا دليل
على أن كلمة الحق تقبل من كل واحد، وكذلك قصة الشيطان، لما قال لأبي هريرة رضي الله عنه: " إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، لن
يزال معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح".( البخاري 4624)، قبل ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وكذلك اليهودي الذي قال:
"يا محمد، أو يا أبا القاسم، إن الله تعالى يمسك
السماوات، يوم القيامة، على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال والشجر على
إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك أنا الملك، فضحك
رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعجبا مما قال الحبر؛ تصديقا له، ثم قرأ: { وما قدروا الله حق قدره
والأرض جميعاقبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}(الزمر 67).
فالحق الذي في القوانين، وإن كان من وضع البشر، مقبول، لا؛ لأنه قول فلان
وفلان، أو وضع فلان وفلان، ولكن لأنه حق، وأما ما فيه من خطأ، فهذا يمكن
تعديله باجتماع أهل الحل والعقد، والعلماء والوجهاء ودراسة القوانين، فيرفض
ما خالف الحق، ويقبل ما يوافق الحق، أما أن يكفرالحاكم لأجل هذا ؟! مع أن الجزائر كم بقيت مستعمرة للفرنسيين.
السائل: 130سنة.
الشيخ: 130 سنة ؟ طيب هل يمكن أن يغير هذا القانون، الذي دونه الفرنسيون بين عشية وضحاها لايمكن.
السائل: فتكملة لمسالة الشباب الآن، يا شيخ،
مثلا في مناطق كثيرة، ليست كل المناطق لكن في مناطق كثيرة، لازالوا يخوضون
في مسألة هي كبيرة عليهم، يعني مسائل مثلا، يا شيخ، التكفير: التشريع العام والتكفير العيني.
هذه المسائل يا شيخ قد يأخذون الفتوى منكم، ثم يطبقونها على الحاكم هكذا يعني.
الشيخ: عملهم هذا غير صحيح.
السائل: نعم، ثم لما نقول له: يا أخي ما قالها الشيخ ابن عثيمين، يقول لك: لكن الشيخ ابن عثيمين مثلا في كتبه، قال: التشريع العام:
من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر بدون تفصيل، والآن عندنا هذا الحاكم لا يحكم بما أنزل الله فهو كافر، فهمت المسألة ياشيخ؟؟.
الشيخ: فهمنا، أقول: بارك الله فيكم الحكم على المسألة بالحكم، الذي ينطبق عليها غير الحكم على شخص معين، فالمهم
يجب على طلبة العلم، أن يعرفوا الفرق بين الحكم على المسألة من حيث هي
مسألة، وبين الحكم على الحاكم بها؛ لأن الحاكم المعين قد يكون عنده من
علماء السوء من يلبس عليه الأمور، وغالب حكام المسلمين ليس عندهم علم
بالشرع، فيأتيهم فلان يموه عليهم، وفلان يموه عليهم، ألم تر إلى بعض علماء
المسلمين قال: جميع مسائل الحياة ليس للشرع فيها تدخل! واشتبه عليهم الأمر؛
بقوله صلى الله عليه وسلم: "أنتم أعلم بأمور دنياكم"[56].
قال هذا رجال نشهد لهم بالصلاح ولكن تلبّس عليهم، وهم لو تأملوا الأمر،
لوجدوا أن هذه بالنسبة للمصانع والصنعة، وما أشبه ذلك؛ لأن الرسول تكلم عن
تأبير النخل، وهم أعلم به؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أتى
من مكة ما فيها نخل ولا شيء ولا يعرفه. فلما رأى هؤلاء يصعدون إلى النخل،
ويأتون بلقاحه، ثم يؤبرون النخلة ويلقحونها، فيكون فيه تعب وعمل، قال: "ما أظن ذلك يغني شيئا".
فتركوه سنة، ففسدت النخلة، فأتوا إليه، فقالوا: يا رسولالله، فسد التمر. قال: "أنتم أعلم بأمور دنياكم"[57].
ليس بأحكام دنياكم، لكن بأمور دنياكم، ثم الناس يلبسون الآن، ألم تروا بعض
العلماء في بلاد ما أباحوا الربا الاستثماري، وقالوا المحرم الربا
الاستغلالي، وشبهته قوله تعالى: ( فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ).
والحاكم إذا كان جاهلا بأحكام الشريعة، وجاءه مثل هذا العالم أليس يضله ؟
السائل: يضله.
الشيخ: فلذلك لا نحكم على الحكام بالكفر، إذا فعلوا ما يكفر به الإنسان، حتى نقيم عليه الحجة.
السائل: من الذي يقيم الحجة؟.
الشيخ: ما دمنا ما أقمنا عليهم الحجة، لا نحكم بكفرهم.
السائل: سمعتك يا شيخ تقول في رمضان قلت ( إلا أن تروا …) يعني الرؤيا العينية قلت يا شيخ، فيما أذكر، قلت مثل رؤية العين.
الشيخ: نعم هذا هو، أي أن نعلم علم اليقين، مثل ما نرى الشمس كفرا بواحا، صريحا ما فيه احتمال.انتهى.
تم توقيع الشيخ في الكتاب على هذه الفتوى[58].
**** كما قال ابن عثيمين:
".. أما في ما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله؛ فهو كما في كتابه العزيز، ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
كفر، وظلم، وفسق، على حسب الأسباب التي بُني عليها هذا الحكم، فإذا
كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله؛ تبعاً لهواه، مع علمه بأن الحق فيما
قضى الله به؛ فهذا لا يكفر لكنه بين فاسق وظالم، وأما إذا كان يشرع حكماً
عاماً، تمشي عليه الأمة، يرى أن ذلك من المصلحة وقد لُبِس عليه فيه، فلا
يكفر أيضاً؛ لأن كثيراً من الحكام عندهم جهل بعلم الشريعة، ويتصل بمن لا
يعرف الحكم الشرعي، وهم يرونه عالماً كبيراً، فيحصل بذلك مخالفة. وإذا كان
يعلم الشرع، ولكنه حكم بهذا، أو شرع هذا، وجعله دستوراً يمشي الناس عليه؛
نعتقد أنه ظالم في ذلك.
وللحق الذي جاء في الكتاب والسنة، أننا
لا نستطيع أن نكفر هذا، وإنما نكفر من يرى أن الحكم بغير ما أنزل الله أولى
أن يكون الناس عليه، أو مثل حكم الله عز وجل، فإن هذا كافر؛ لأنه يكذب بقول الله تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾
وقوله تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ). (المائدة)".[59]
****وهذه مكالمة مباشرة من ثوار الجزائر- من مواقعهم على رؤوس الجبال- مع ابن عثيمين بتاريخ: 1 رمضان 1420هـ:
السائل: شيخنا ! سؤال عقائدي في قضية الفرق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي، في مسألة الحكم بغير أنزل الله ؟
الشيخ: يعني مثلاً من ترك
الصلاة، فهو كافر.من سجد لصنم فهو كافر، من قال إنَّ مع الله خالقاً فهو
كافر، وهذا كفر عملي. وأمَّا الكفر الاعتقادي ففي القلب.
السائل: شيخنا! الكفرالعملي هل يُخرج من الملة ؟
الشيخ: بعضه مخرجٌ وبعضه غير مخرج، كقتال المؤمن، فقد قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ( قتاله كُفْرٌ )
ومع ذلك لا يخرج من المِلَّة مَن قاتل أخاه المؤمن بدليل آية الحجرات: )
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا(قال: ) إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ (.
السائل: متى يُصبح الكفرالعملي كفراً اعتقاديًّا شيخنا ؟
الشيخ: إذا سجد لصنم، فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة، إلاَّ أن يكون مكرهاً.
السائل: وفي قضية الحكم بغير ما أنزل الله ؟
الشيخ: هذا باب واسع، هذا باب واسع، قد يحكم بغير ما أنزل الله عدواناً وظلماً، مع اعترافه بأنَّ حكم الله هو الحق، فهذا لا يكفر، كفراً مخرجاً عن الملة،
وقد يحكم بغير ما أنزل الله؛ تشهيًّا ومحاباة لنفسه، أو لقريبه، لا لقصد ظلم المحكوم عليه. ولا لكراهة حكم الله، فهذا لا يخرج عن الملة، إنَّما هو فاسق.
وقد يحكم بغير ما أنزل الله؛ كارهاً لِحُكم الله، فهذا كافرٌ كفراً مُخرجاً عن الملَّة، وقد يحكم بغير ما أنزل الله طالباً موافقة حكم الله،
لكنَّه أخطأ في فهمه، فهذا لا يكفر، بل ولا يأثم؛ لقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصابفله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".
(البخاري 6805).
انتهى نص الحوار.
**** وقال:
( أما بالنسبة لمن وضع قوانين تشريعية، مع علمه بحكم الله، وبمخالفة هذه القوانين لحكم الله، فهذا قد بدل الشريعة بهذه القوانين، فهو كافر؛
لأنه لم يرغب بهذا القانون عن شريعة الله إلا وهو يعتقد أنه خير للعباد والبلاد من شريعة الله، وعندما نقول بأنه كافر، فنعني بذلك أن هذا الفعل يوصل إلى الكفر.
ولكن قد يكون الواضع له معذورا، مثل أن يُغرر به كأن يقال: إن هذا لا يخالف
الإسلام، أو هذا من المصالح المرسلة، أو هذا مما رده الإسلام إلى الناس.
فيوجد بعض العلماء، وإن كانوا مخطئين يقولون: إن مسألة المعاملات لا تعلق
لها بالشرع، بل ترجع إلى ما يصلح الاقتصاد في كل زمان بحسبه، فإذا اقتضي
الحال أن نضع بنوكاً للربا أو ضرائب على الناس، فهذا لاشيء فيه.
وهذا لا شك في خطئه، فإن كانوا مجتهدين غفر الله لهم، وإلا، فهم على
خطرعظيم، واللائق بهؤلاء أن يلقبوا بأنهم من علماء الدولة لا علماء الملة )
[60]. **** وقال أيضا – رحمه الله:
( الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمابعد، ففي هذا اليوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول عام عشرين وأربعمائة وألف، استمعت إلى شريط مسجل باسم أخينا
أبى الحسن في مآرب، ابتدئه بالسلام عليّ فأقول: عليك السلام ورحمة الله وبركاته
وما ذكره من جهة التكفير فهي مسألة كبيرة عظيمة،
ولا ينبغي إطلاق القول فيها إلا مع طالب علم يفهم، ويعرف الكلمات بمعانيها، ويعرف العواقب التي تترتب على القول بالتكفير أو عدمه.
أما عامة الناس، فإن إطلاق القول بالتكفير، أو عدمه، في مثل هذه الأمور يحصل فيه مفاسد.
والذي أرى أولا أن لا يشتغل الشباب في
هذه المسألة: وهل الحاكم كافر أو غير كافر، وهل يجوز أن نخرج عليه، أو لا
يجوز. على الشباب أن يهتموا بعباداتهم، التي أوجبهاالله عليهم، أو ندبهم
إليها، وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه؛ كراهة أو تحريما، وأن يحرصوا على
التآلف بينهم والاتفاق، وآن يعلموا أن الخلاف في مسائل الدين والعلم قد جرى
في عهد الصحابة رضي الله عنهم، ولكنه لم يؤد إلى الفرقة، وإنما القلوب
واحدة والمنهج واحد.
أما فيما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله، فهو كما في الكتاب العزيز ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
كفر وظلم وفسق؛ على حسب الأسباب التي بني عليها هذا الحكم:
1- فإذا كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله؛ تبعا لهواه، مع علمه بأن الحق فيما قضى الله به، فهذا لا يكفر لكنه بين فاسق وظالم.
2- و أما إذا كان يشرع حكما عاما، تمشي عليه الأمة، يرى أن ذلك من المصلحة، وقد لُبس عليه فيه، فلا يكفر أيضا؛ لأن كثيرا من الحكام عندهم جهل في علم الشريعة.
ويتصل بهم من لا يعرف الحكم الشرعي، وهم يرونه عالما كبيرا فيحصل بذلك المخالف.
3- وإذا كان يعلم الشرع، ولكنه حكم بهذا، أو شرع هذا، وجعله دستورا يمشي الناس عليه، يعتقد أنه ظالم في ذلك،
وأن الحق فيما جاء به الكتاب والسنة، فإننا لا نستطيع أن نكفر هذا. وإنما نكفر: من يرى أن حكم غير الله أولى أن يكون الناس عليه أو مثل حكم الله عز وجل.
فإن هذا كافر؛ لأنه مكذب لقول الله تبارك وتعالى: ( أليس الله بأحكم الحاكمين ).
وقوله: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ). (المائدة﴾.
ثم هذه المسائل لا يعني أننا إذا كفرنا أحدا، فإنه يجب الخروج عليه؛ لأن الخروج يترتب عليه مفاسد عظيمة أكبر من السكوت.
ولا نستطيع الآن أن نضرب أمثالا فيما وقع في الأمة العربية وغير العربية.
وإنما إذا تحققنا جواز الخروج عليه شرعا، فإنه لابد من استعداد وقوة تكون
مثل قوة الحاكم أو أعظم. وأما أن يخرج الناس عليه بالسكاكين والرماح، ومعه
القنابل والدبابات وما أشبه هذا، فإن هذا من السفه بلا شك. وهو مخالف للشريعة ).[61] | |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 9:04 pm | |
| 34- يقول الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله -:
(... أما مسألة التوصل إلى التكفير، والحاكم لا يزال يصلي، ويعترف بشعائر الإسلام، فينبغي للمسلم أن يبتعد عن هذا، وقوله سبحانه وتعالى { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }( المائدة ). يقول ابن عباس: هو كفر دون كفر، أو يُحمل على ما إذا كان مستحلا...) [62].
35- وقال الشيخ صالح السدلان أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية:
" فكون الذي يحكم بغير ما أنزل الله يوصف بأنه كافر وبأنه ظالم وبأنه فاسق، فهذا نص الآية، وهو شئ نردده ونؤمن به. ولكن الحكم بغير ما أنزل الله على نوعين:
حكم استحلال واعتقاد أن الشريعة الإسلامية لا تصلح أبدا.
والنوع الثاني: أن يعتقد الحاكم أن الشريعة صالحة كاملة، لكن الأمر ليس إليه، ولا هو بيد فرد من أفراد الأمة؛ فهو مثل المسلم الذي يعمل المعصية، غير مستحل لها، كمن يشرب الخمر، وهو يعتقد أنها معصية، ولكن غلبته شهوته وهو بعكس من يرى أن الخمر حلال لا شئ فيها، وإن لم يشربها، أو لم يعتقد بوجوب الصلاة.
فنحن نقول: إن مسألة الحكم بغير ما أنزل الله فيها تفصيل، ولا يطلق على الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله الكفر المخرج من الملة حتى يعرف حد المسألة.. ) [63].
36- قول الشيخ محمد أمان بن علي الجامي – رحمه الله -:
( س: هل يعتبر الحكم بغير ما أنزل الله كفرا بواحا أم لا ؟
الجواب: فصَّل أهل العلم الجواب على هذا السؤال عند قوله تعالى : ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾، { الظَّالِمُونَ} ، { الْفَاسِقُونَ }، وصف الله الحكم أو الذين يحكمون بغير ما أنزل الله بالكفر والظلم والفسق، ما نوع هذا الكفر ؟ وما نوع ذلك الفسق والظلم ؟ وهل هناك فرق بين الكفر والفسق والظلم ؟
الجواب:
أولا: لا فرق بين هذه العناوين الثلاثة:
الفسق: الخروج عن طاعة الله، والخروج على دين الله وعلى شريعة الله ذلك هو الكفر. والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، من حكم بغير ما أنزل الله وضع الحكم في غير موضعه ذلك ظلم وفسق وكفر.
إذًا المعاني الثلاثة أوالعبارات أو العناوين الثلاثة لمعنى واحد، لا خلف بينها.
لكن ما نوع هذا الكفر؟
يروى عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر دون كفر. هكذا روى غير واحد عن ابن عباس هذا التفسير. ولكن الذي تطمئن إليه النفس ما ذكره شارح الطحاوية، نقلا من أهل العلم وغيره أيضا، من التفصيل هنا: أي من حكم بغير ما أنزل الله معتقدا أن الحكم الوضعي أو السواليف أو التقاليد والعادات أحسن وأمثل مما أنزل الله. أو أن ذلك يساوي ما أنزل الله في العدالة والحسن، وأنه أنسب للأمة. من اعتقد هذا الاعتقاد، إما بأن فضل الأحكام الوضعية المستوردة أو السواليف، التي عند أهل البادية، والتقاليد والعادات في التحليل والتحريم، ورأى أن ذلك أنسب وأرحم وأوفق للأمة، خصوصا في هذا الوقت، من اعتقد هذا الاعتقاد، يكفر كفرا بواحا، قبل أن يُصدر الحكم نفسه لهذا الاعتقاد؛ لتفضيل آراء الناس وتقاليد الناس وسواليفهم على ما أنزل الله، أو لجعله ذلك مساويا ما أنزل الله، ما لم يؤمن بأن ما أنزل الله هو الحق وحده، وأن ما أنزل الله هو الخير وحده. إن اعتقد التفضيل أو المساواة بينهما، فهذا كفر بواح، لا خلاف في ذلك، فيما أعلم.
النوع الثاني: إنسان حكم بغير ما أنزل الله، مما وصفنا؛ معتقدا أنه مخطئ، وأنه ظالم، وأنه مذنب في هذا التصرف، وأن ما أنزل الله أحسن وحق, هو الحق وحده، لكن غلبته البيئة، التي يعيش فيها ونفسه الأمارة بالسوء، والخوف من مخالفة البيئة التي يعيش فيها، وهي بيئة غير إسلامية، أصدر الحكم بغير ما أنزل الله، وهو معتقد أن ما أنزل الله هو الحق وحده، هذا كفره كفر دون كفر غير بواح، أي لا ينقله من الملة، لو مات على ذلك يعد من عصاة الموحدين من أصحاب الكبائر، ليس بكافر كفرا اعتقاديا، بل كفره كفر عملي، والكفر العملي لا ينقل الإنسان من الملة.
الثالث: قاضي وحاكم اجتهد؛ ليحكم بما أنزل الله، ولكنه أخطأ باجتهاده، فأصدر الحكم بغير ما أنزل الله، فهذا يثاب على اجتهاده وبذله للمجهود؛ ليحكم بما أنزل الله، ولا يؤاخذ بخطئه؛ لأنه مجتهد......
وقبل أن أترك هذا الموضوع أريد أن أنبه أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يعني أبدا الحكم بالقوانين المنظمة الوضعية المستوردة من الشرق والغرب فقط، بل أي شيء يخالف ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام، إذا حكمت به كالسواليف المعروفة عند أهل البادية، في التحليل والتحريم والتقاليد والعادات، كالذين يحرمون الإرث على النساء؛ فيجعلون الإرث في عاداتهم للرجال فقط، أو يجعلون الإرث للولد البكر، إذا كان ذكرا. ومن هذا القبيل من حكم بغير هذه العادات والتقاليد والسواليف، لا فرق بينه وبين الذين يحكمون بالقوانين الوضعية المستوردة، فليفهم هذا؛ لأن قوله – تعالى: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ﴾ شامل لهذه المعاني كلها وبالله التوفيق. ) [64].
| |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 9:05 pm | |
| 37- يقول الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله: " الحكم بغير ما أنزل الله بشروطه يكون كفرا: *** إذا كان يرى أن الحكم بغير ما أنزل الله جائز، هذا كفر؛ لأن الله تبارك وتعالى لا شريك له في الحكم، ولا يشرك في حكمه أحدا، سبحانه وتعالى. *** إذا كان يعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله أفضل من الحكم بما أنزل الله، ولو كان يعرف أن هذا حق يعرف أن ما أنزل الله حق, ولكن هذه القوانين أفضل من الشرائع الإسلامية التي شرعها الله تبارك وتعالى فهذا كفر، هذا يسمى كفرا: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } وقال: { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } وقال:{ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }. (المائدة).
فالمصطلح القرآني والنبوي يسمي الحكم بغير ما أنزل الله كفرا. قد يكون كفرا أصغرا، إذا كان معترفا بحاكمية الله، ومعترفا أنه ظالم في حكمه بغير ما أنزل الله، هذا كفر أصغر. فإذا كان يرى أن يعني لا يعترف بحاكمية الله ويستحل الحكم بغير ما أنزل الله، ويرى أن الحكم بغيرما أنزل الله أفضل من الحكم بما أنزل الله، فهذا كافر كفرا أكبر يخرج من دائرةالإسلام"[65]. 38- قول الشيخ صالح بن محمد اللحيدان – حفظه الله: " كذلك من الكفر الحكم بغير ما أنزل الله, الحكم بالقوانين كفر، لكنه إذا لم يكن الحاكم ممن يعتقد أن القانون أكمل وأتم من الشريعة من القرآن والسنة، فلا يقال إنه كافر؛ بأن تطلق منه امرأته، ويحرم ميراث من مات من مورثيه، ويحرم ميراثه على من مات من ورثته لا يقال ذلك.
والقرآن ذكر أن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. أما إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله: لا يجب، أو رأى أن القوانين أوفى لمصالح الناس، وأفلح لأمورهم، وأنجح فيتقدمهم، وأن الشريعة تؤخرهم وتخلفهم، رأى أن ما يقنن أكمل وأنفع، فهو يكفر بذلك.
أما إذا كان يجاري الناس، ويرغب أن يحاكيهم ويشابههم، ويكره أن ينتقدوه، أو لا يحب أن يخالفهم، فيحجب عنه إعاناتهم مثلا o]كلمة لم أتبينها ] بالقوانين، فلا شك أنه يصدق عليه أن يقال كافر، لكن هل هو الكفر الذي يوجب تخليده في النار، ويحرمه بقاء زوجته معه، ويحرمه ولاية أولاده وتزويج البنات، إلى غير ذلك من لوازم الكفر. هذا محل خلاف. والصحيح أن من لم يعتقد نقص الشريعة، أو من لم يعتقد عدم وجوبها. من يعتقد عدم وجوبها فيرى أن هذه القوانين أنفع وأكمل، إذا رأى ذلك، فهو كافر، الكفر المخرج من الملة ."[66] 39- يقول الشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله: " وخلاصة القول أنه يمكن أن نقسم الناس إلى ما يلي:
أولا: رجل عرف الحق بدليله، فحكم به، وأصاب الحكم، فهذا رجل مأجور، بل إن له أجرين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". (البخاري 6805).
ثانيا: رجل اجتهد في طلب الحق، واستخدم جميع الآلات الفقهية والاجتهادية من أصولية وحديثية، ونحو ذلك، ودرس المسألة من جميع جوانبها؛ ليصل إلى حكم الله فيها، فأخطأ فهذا مأجور أيضا، له أجر واحد. وقد سمعنا الحديث في ذلك.
ثالثا: رجل جاهل يريد حكم الله ويرغبه، ولكنه لم يكلف نفسه البحث والتحري، بل حكم بمجرد الاجتهاد دون علم, حكم بجهله، دون أن يكلف نفسه البحث عن الحق على ضوء الكتاب والسنة، فحكم بالجهل، وهو يريد الحق، لكنه حكم بالجهل؛ ظنا منه أن ذلك يكفيه، فهذا آثم وعاص.
رابعا: رجل عرف حكم الله، ولم يحكم به؛ تحت غلبة الهوى، أو الظرف الذي يعيشه، أو المجاملة أوالمداهنة، أو نحو ذلك، غلبه هواه؛ فحكم بغير ما أنزل الله، فأصاب الحكم، فهو أيضا آثم وعاص، سواء أصاب أو أخطأ حتى ولو أصاب، هو آثم وعاص حتى ولو أصاب. انتبهوا إلى هذه القيود, رجل ماذا ؟ عرف الحق واعترف به، لكنه حكم بغير ما أنزل الله، تحت غلبة الهوى أو الشهوة أو المصلحة، مع اعترافه بأنه مذنب، وأنه عاص، ويشعر بذنبه فحكم بالقوانين أو بغيرها,فهذا ما حكمه؟ أنه عاص ولا يخرج من الإسلام، بل يُعتبر مسلما عاصيا، مؤمنا عاصيا، مؤمنا بإيمانه، فاسق بكبيرته، شأنه شأن من ارتكب شيئا من المحظورات والمحرمات، مع اعترافه بذنبه، وهو موحد لله سبحانه وتعالى.
هذا هو الذي يجب أن ننتبه له، وهو الذي حصل به الخلط, رجل أو قاضي، سواء كان قاضيا أوغيره، حكم بغير ما أنزل الله، تحت ضغط الهوى أو غلبة الشهوة، أو المصلحة، أو أعطي شيئا من المال، جعله يعدل عن حكم الله إلى حكم غيره، مع اعترافه بأنه عاص ومذنب ومخالف للشرع وشعوره بالذنب، فهذا مسلم عاصي. ولا يجوز أن يخرج من الإسلام، ولو حكم بغير ما أنزل الله بهذه القيود التي ذكرتها.
خامسا: رجل حكم بغير ما أنزل الله تحت ظرف، أوتحت ضغط، أو مكره. رجل أُجبر على أن يحكم بغير ما أنزل الله، أُجبر إجبارا، وأُكره إكراها، فهذا معذور، إلا إذا كان فيه إتلاف نفس أو نحو ذلك.
فهذا قد يأثم، إذا لم يمتنع من ذلك لكن أيضا لا يبلغ درجة الكفر... فعليه أن يرفض، ولو أدى ذلك إلى أن يناله ما يناله من الأذى.
الأمر السادس: رجل علم بحكم الله، وعلم أنه الحق، لكن فضل حكم غير الله على حكم الله، وقال إن تطبيق القانون الوضعي أفضل من حكم الله، أو مساو لحكم الله، سواء قال إنه أفضل أو قال إنه مساو لحكم الله، سواء سواه بحكم الله، واستحلال حكم بغير ما أنزل الله استحلالا, بأن قال إن حكم الله لم يعد صالحا للتطبيق، أو إنه لا فرق بين أن أطبق حكم الله، أو حكم غير الله.
وهذا هو الذي يكفر ويخرج من ملة الإسلام.
لكن انتبهوا إلى القيود التي قلتها، وهي:
1- أنه يعلم أن هذا حكم الله، وخالفه. 2- أن يعدل عن حكم الله إلى غيره. 3- أن عدوله ناتج عن تفضيل لحكم غير الله على حكم الله، أو اعتقاد التسوية بين حكم الله وحكم غيرالله.
ففي كلا الحالين من كان هذا شأنه، يكفر ويمرق من الدين؛ لأنه، والحال هذه، تنكر لحكم الله، ورضي بحكم الطاغوت، بل رآه أفضل أو مساويا لحكم الله، سبحانه وتعالى.
هذا هو التفصيل الذي ينبغي أن يُفهم في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله؛ حتى لا نتسرع في الحكم على المسلمين بالكفر والتكفير،حتى بالنسبة لبعض البلاد التي لا تحكم شرع الله، لا يجوز أن نتسرع في الحكم عليهم، ولا في الحكم على الحكام في تلك البلاد، ما لم تقم عندنا حجة عليهم، من خلال كلامهم أو تصريحاتهم بأن حكم غير الله أفضل من حكم الله، أو أنه مساو لحكم الله. فمتى صرحوا بهذا، فهم كفرة بعد أن علموا بحكم الله، وعلموا أنه الحق ولكن قالوا: إنها لاتصلح للتطبيق، أو أنها قد مضى وقتها، أو ولّى وقتها، أو نحو ذلك، بعد علمهم بحكم الله. فهذا التفصيل أرجو أن يُفهم، وأن يبلغ للشباب ولطلاب العلم.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد ". [67] | |
|
| |
Admin admin
عدد المساهمات : 302 نقاط : 2147483647 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2012 العمر : 38
| موضوع: رد: كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) الثلاثاء نوفمبر 06, 2012 9:06 pm | |
| 40- يقول الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمة الله:
( { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }، وفي آية أخرى:{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } (المائدة)
وهذا يُحمل على تنوع الناس في عدم الحكم بما أنزل الله، سبحانه وتعالى؛ فمنهم من يكون مقرا بأن الحكم بما أنزل الله هو الواجب، ولكن يحمله إما حب المال، أو خوفا من الضغوط عليه، أو هوى بالمحكوم عليه، أو هوى مع المحكوم له. كل ذلك يدفعه أنه يحكم بغير ما أنزل الله. فهذا، مع اعتقاده، لا يكون كافرا، وإنما يكون فاسقا. فالكفر لا يكون إلا لمن اعتقد أن حكم غير الله، عز وجل، أحسن من حكم الله. فمن اعتقد هذا أو مساويا له، من اعتقد هذا فإنه يُعتبر قد كفر. أما لو حكم بغير ما أنزل الله؛ من أجل الحصول على رشوة مال، أو حَكَمَ لمن يحبه، أو حكم على من يبغضه، أو حكم من أجل ضغوط خارجية، أو ما أشبه ذلك، وهو يعتقد أنه عاص بفعله هذا، فهذا لا يُعتبر كافرا، وإنما يُعتبر كافرا من اعتقد أن حكم غير الله، عز وجل، أحسن من حكم الله أو مساو لحكم الله – عز وجل – فعندئذ يكون كافرا )[68] اهـ.
41- قول محدث المدينة فضيلة الشيخ عبدالمحسن العباد البدر– حفظه الله-:
سُئل في المسجد النبوي:
( هل استبدال الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية كفر في ذاته ؟ أم يحتاج إلى الاستحلال القلبي والاعتقاد بجواز ذلك ؟ وهل هناك فرق في الحكم مرة بغير ما أنزل الله، وجعل القوانين تشريعاً عاماً مع اعتقاد عدم جواز ذلك؟
فأجاب: " يبدو أنه لا فرق بين الحكم في مسألة، أو عشرة، أو مئة، أو ألف- أو أقل أو أكثر- لا فرق؛ ما دام الإنسان يعتبر نفسه أنه مخطئ، وأنه فعل أمراً منكراً، وأنه فعل معصية، وانه خائف من الذنب، فهذا كفر دون كفر. وأما مع الاستحلال – ولو كان في مسألة واحدة، يستحل فيها الحكم بغير ما أنزل الله، يعتبر نفسه حلالاً-؛ فإنه يكون كافراً ").[69]
42- يقول الشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم حفظه الله، جوابا على سؤال:
( ما المراد بالحكم بغير ما أنزل الله، وما حكم من حكم بغير ما أنزل الله ؟
الجواب: الحكم بغير ما أنزل الله قد يراد به التعبد بغير ما أنزل الله، فهذا شرك وكفر وبدعة. وقد يكون في الفروع؛ فمن اعتقد جوازه بغير الشريعة، فقد كفر. وإن تساهل مع اعتقاد تحريمه، فهذا كفر دون كفر ).
وقال أيضا – جوابا على سؤال:
( قول الله تعالى: { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } (المائدة). وغيرها من الآيات في الحاكمية، فكيف نفهم هذه الآية على ضوء أن توحيد الحاكمية هو من توحيد الربوبية ؟
الجواب:
أولا: إن قوله إن توحيد الحاكمية من توحيد الربوبية، هذا على اصطلاح من رأى هذا المبدأ، وإلا فتوحيد الربوبية موجود عند الذين لا يحكمون شيئا من شرع الله نهائيا.
ثانيا: إن توحيد الحاكمية ما عُرف عند السلف الصالح بهذا اللفظ، ما عرف بهذا اللفظ توحيد الحاكمية فمعناه إذا قلت توحيد الحاكمية، وهذا خطر عظيم أن ينتقل التوحيد إلى المحكم شيئا فشيئا. وإن كان لا يحصل من بعض الناس.
فتوحيد الحاكمية معناه أنه يجب على المسلم أن يحكم شرع الله. هذه بينتها وأشرت لها بلا شك، ولا ريب، ومن لم يحكم شرع الله فهو عاص. ما مدى هذه المعصية؟
إن اعتقد أن غير شرع الله أحسن، أو أن شرع الله قاصر، فهذا كفر { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } (المائدة). حطوا بالكم أيضا: إذاجرت الحاكمية في عبادة الله، فأراد أن يوزع عبادة الله بينه وبين خلقه، هذا كفر؛ لأنا سمعنا أن عبادة الله لا يصرف منها شيء لغير الله.
إذا ماذا بقي معنا؟ بقي معنا التحكيم في حق المخلوقين، بين المسلمين، تحكيم الشرع في حقوق الخلق هذا الذي بقي معنا؛ فإذا حصلت خصومة عند قاض من القضاة، ورأى أن القانون في حق المخلوقين أحسن هذا كفر، ما في كلام. لكن لو تساهل به، وهو يعتقد أنه حرام، فهذا عند مذهب أهل السنة والجماعة ليس كافرا. ومذهب المبتدعة إنه كافر، كمرتكب الزنا؛ فالزاني وشارب المسكر والراشي والغاش والعاق لوالديه هذا يُعتبر عاصيا، ومرتكب كبيرة من الكبائر، ولايكفر بذلك إلا إن استباح ما حرم الله. فلو اعتقد استباحة الزنا، ولو ما زنا يكون كافرا ).[70]
43- قول الشيخ علي بن ناصر فقيهي – حفظه الله.
( سؤال: ما حكم المستبدل لشرع الله وحَكَمَ بالدساتير والقوانين الوضعية ؟
هذا السؤال هو الحقيقة قد سبق مثله، وهو الحكم بغير ما أنزل الله، لكن هنا هو يقول: المستبدل لشرع الله ( كلمة غير واضحة ) من الدساتير الموجودة وأبدلوا بها الشريعة الإسلامية الكتاب والسنة، وقالوا: هذه هي الأفضل وهي الأولى، وهي صالحة لهذا العصر. فهؤلاء لا شك في كفرهم. وإذا اعتقدوا هذا أنه أفضل وأولى أو مساوي، فلا شك في كفرهم.
لكن إذاحكموا بغير ما أنزل الله، وهم يعرفون أن ما أنزل الله هو الأولى، وهو الأفضل وهوالذي ينبغي أن يكون، وإنما غلبهم هواهم وارتكبوا مثل هذه الأخطاء؛ فهو كما سبق الكلام عن ابن عباس: الكفر دون الكفر؛ لأن الذي يحكم بغير ما أنزل الله، حتى في قضية معينة، لو اعتقد أن هذا الحكم بغير ما أنزل الله أفضل وأولى فهو كافر، كيف بمن يأتي بدستور كامل، ثم يضرب بالشريعة عرض الحائط.
إذًا هؤلاء الذين يستبدلون شرع الله بهذه القوانين؛ اعتقادا منهم بأنها هي الصالحة لهذا العصر ولهذا الوقت، فهؤلاء لا شك في كفرهم. لكن إذا كانت من الأمور العملية، التي لا يعتقدونها. ولهذا كثير من الناس، الذين يكفرون، يحكمون على الحاكم وعلى المحكوم ويقولون: كلهم يدخلون في حكم الكفر. لماذا ؟ قالوا: الحاكم هو الذي سن هذه الأحكام، والمحكومون هم الذين رضوا بذلك، المساكين الذين ليس بأيديهم لا حول ولا قوة، يحكمون عليهم بهذا الحكم.
فالقاعدة العامة: الذين يأتون بالقوانين الوضعية، ويجعلونها مكان الأحكام الشرعية، ويجعلونها هي الأحسن، وهي الأولى، وهي الأفضل. هذا لا شك في كفرهم. )[71]
وقال أيضا – رحمه الله:
(... ومنها الحكم بغير ما أنزل الله، فهذا أيضا من العمل، يعني من الكفر العملي، إلا إذا كان هذا الذي حكم بغير ما أنزل الله يرى أن الحكم بما أنزل الله لا يصلح لهذا العصر، وإنما تلك الأحكام نزلت لأمة انتهت، ونحن في عصر لا تصلح له هذه الأحكام؛ فهو بهذا الاعتقاد، إذا قال أن حكم غير الله أفضل من حكم الله وأولى منه, فهذا كافر لا إشكال في كفره.
أما إذا أن القاضي عرضت عليه قضية، ثم بالمحاباة أو بالرشوة، أو بأي وسيلة حكم في هذه القضية، وهو يعلم أنه عاصي، وأن الحكم الحق للآخر، ولكن حكم بهواه واتبع شهواته، فهذا عاصي، وعمله هذا كفر دون كفر، كما قال ابن عباس، حينما سئل عن هذه الآية قال: ليس الكفر هذا كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وإنما هو كفر دون كفر...
كذلك الحكم بغير ما أنزل الله، إذا كان يعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله أفضل من الحكم بما أنزل الله، فهذا لا إشكال أنه كفر. وإن كان عمل، لكن إذا دفعه هواه ورغبته وشهواته وحكم بغير ما أنزل الله، وهو يعرف أنه عاصي، فهذا كما قال ابن عباس كفر دون كفر. )[72] | |
|
| |
| كلام أعلام الأمة في المراد بالكفر في هذه الآية (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)) ( 2 . 1) | |
|